إدارة مشروعات الأعمال الصغيرة ليست لضعاف القلوب، إذ إن ريادة الأعمال تنطوي طبيعتها على المخاطرة. ولينجح رواد الأعمال لا بد أن يتحلوا بالقدرة على تخفيف المخاطر المحيطة بالشركة مع المحافظة بصورة مستمرة على الدفع بالمنتجات والخدمات إلى السوق بالسعر المناسب الذي يتوافق مع متطلبات العميل.
ورغم وجود عدد من المشروعات الصغيرة التي يتسم أداؤها بالجودة والربح المستمر إلا أن 20% من الأعمال الصغيرة تفشل في السنة الأولى ونحو 50% تصل إلى الإفلاس بعد خمس سنوات؛ 23% فقط تصل إلى عشر سنوات أو أكثر، وذلك طبقًا لإدارة الأعمال التجارية الصغيرة (SBA).
ولحماية مشروع جديد أو حالي؛ فمن الضروري إدراك الأسباب التي قد تؤدي إلى فشل المشروع وكيفية إدارة المعوقات أو تجنبها.
ومن أكثر الأسباب شيوعًا في فشل المشروعات الصغيرة فقدان رأس المال أو التمويل والإبقاء على فريق إداري غير مناسب وغير فعال، وتصميم نماذج خاطئة لعمل المشروعات، وأخيرًا مبادرات التسويق غير الناجحة.
ما هي خطوات إدارة المشاريع؟
يتطلب نجاح إدارة المشاريع الصغيرة المرور بعددٍ من الخطوات الصحيحة والمدروسة بإتقان لتحقيق رؤية المؤسسة وأهدافها، وإليك أهم هذه الخطوات:
- وجود هدف محدد ورؤية واضحة: لضمان قدرتك على تقييم مدى انحرافك عن الهدف الموضوع أو اقترابك منه.
- فهم السوق: إذ لا بد من إجراء دراسة للسوق لتحديد فئة العملاء المستهدفة ومعرفة احتياجاتهم ومتطلباتهم لتكون قادرًا على تلبيتها.
- تحديد رأس المال: وهو من أهم خطوات إدارة المشروعات الصغيرة، وذلك لتوفير المال اللازم لبدء العمل على المشروع، ويمكن الحصول عليه من شركات التمويل أو البنوك.
- دراسة الجدوى: وهي تشمل التخطيط الجيد والمُتقن للمشروع مع تحديد الأنشطة الخاصة لمعرفة إمكانية تنفيذها والتحقق من ربحيتها.
- تقدير المخاطر والتحديات: من خلال معرفة الطرق والأساليب التي تساعد على تجاوزها واستمرار سير المشروع بالطريقة الصحيحة.
- وضع خطة بديلة: لتعديل المسار وتغيير آلية العمل إلى أخرى قابلةٍ للتطبيق سريعًا تحسبًا لأي أمرٍ طارئ في السوق.
- معرفة التشريعات القانونية المرتبطة بالمشروع: وذلك لتحديد الشكل القانوني للمشروع ومعرفة القيود المفروضة عليه.
- إعداد الدراسات المالية والاجتماعية: وذلك لتوفير الموارد البشرية والمالية اللازمة لتحقيق أهداف وفكرة المشروع.
- التنفيذ: ويكون وفقًا للخطط والإستراتيجيات الموضوعة مع إمكانية إجراء التعديلات اللازمة خلال التنفيذ.
- المراقبة الدائمة والمستمرة لعمليات الإنتاج والنتائج الخاصة بالمشروع: لضمان سير العمل وفق الخطط الموضوعة وتحقيقه للأهداف المطلوبة.
اسباب فشل مشروعات الأعمال
1. العائق المالي:
يعد فقدان التمويل أو رأس المال السبب الأولي الذي يفسر لماذا تفشل الأعمال الصغيرة؟ ففي أغلب المواقف يكون صاحب المشروع على دراية بالتمويل اللازم لتشغيل المشروع تشغيلًا يوميًا، ويتضمن ذلك الأجور والمصروفات الثابتة والمتغيرة مثل الإيجار والمرافق وكذلك قدرته الشرائية على تأدية جميع المتطلبات المالية في الوقت المناسب.
لكن أصحاب المشروعات التي تفشل ليسوا ملمين بالناتج من الأرباح من مبيعات المنتجات أو الخدمات، وهذا الفصل يؤدي إلى العجز ما يجعل المشروعات الصغيرة خارج سوق العمل.
السبب الثاني: أن بعض أصحاب المشروعات يفوتهم التسعير المناسب للمنتجات والخدمات، وذلك لرغبتهم في التفوق على أقرانهم في السوق المتشبع بالأعمال؛ ما يجعلهم يخفضون الأسعار لجلب العملاء، ورغم نجاح هذه الاستراتيجية في بعض الأحيان إلا أن المشروعات التي تغلق أبوابها هي التي استمرت في تقديم المنتجات والخدمات بأسعار منخفضة جدًا، إذ لا يكفي العائد منها لتغطية تكاليف الإنتاج ومتطلبات التسويق والتوصيل؛ لذا لا يتبقى خيار إلا إغلاقها.
تواجه المشروعات الصغيرة في بدايتها تحديات تتضمن توفير رأس المال اللازم للدفع بالمنتج إلى السوق أو لتغطية تكاليف التوسع أو تكاليف التسويق.
ورغم وجود استثمار الملاك، ورأس المال الاستثماري الـمُخاطِر والقروض البنكية المعتادة المتاحة لتمويل المشروعات الصغيرة؛ فإن الدخل من الأرباح لا يغطي النفقات والتكاليف، ودون التدفق المالي الخاص بالمشروعات الكبيرة أو المستمرة؛ فإن ذلك يجبر المشروعات الصغيرة على الإغلاق.
ولمساعدة المشروعات الصغيرة في إدارة المعوقات المالية؛ فلا بد لرواد الأعمال أن يضعوا ميزانية واقعية لتشغيل الشركة والالتزام بتقديم الدعم اللازم من خزانة حفظ الأموال خلال المرحلة الأولى أو في مراحل التوسع.
ومن المهم جدًا البحث عن خيارات متعددة للتمويل قبل الوصول إلى المرحلة التي يكون فيها التمويل ضروريًا جدًا، وعندما يصل رواد المشروعات إلى مرحلة احتياج الدعم المالي سيكون لديهم عدة مخارج لتخطي العائق المالي.
2. الإدارة غير الكافية أو غير الفعالة:
أحد الأسباب الشائعة التي تؤدي إلى فشل المشروعات الصغيرة هو غياب الحكمة في اتخاذ القرارات من قبل فريق الإدارة أو مالك المشروع؛ لأنه في بعض الأحيان يكون مالك المشروع هو الوحيد الذي يتصف بالأقدمية ونفاذية القرارات وخاصة في السنة أو السنتين الأوليين من المشروع.
وربما يكون ملاك المشروعات الصغيرة هم الذين يمتلكون المهارات الضرورية لخلق وبيع المنتج أو المشروع، إلا أنهم يفتقرون عادة إلى الصفات القوية للمديرين إضافة إلى عدم توفر الوقت لمتابعة جميع العاملين؛ وبدون فريق إدارة متفرغ؛ يصبح مالك المشروع عرضة للإدارة غير الجيدة في بعض نواحي المشروع التي ربما تكون مالية أو وظيفية أو تسويقية.
المُلاك الأذكياء للمشاريع يستعينون بتعاقدات خارجية لعمل الأنشطة التي لا يبرعون بها أو ليس لديهم الوقت الكافي لأدائها بصورة ناجحة.
فريق الإدارة الذي يتسم بالقوة أحد الإضافات اللازمة لاستمرارية التشغيل بصورة جيدة في المستقبل.
ومن المهم أيضًا شعور الملاك بالراحة والتفاهم مع كل المديرين داخل المشروع والعاملين الحاليين والمستقبليين والمنتجات والخدمات.
3. التخطيط غير الفعال للمشروع:
المشاريع الصغيرة عادة تولي اهتمامًا بالتخطيط للمشروع قبل البدء بالتشغيل، كلمة خطة أعمال لا بد أن تتضمن على الأقل:
- وصفًا واضحًا للمشروع أو العمل.
- احتياجات المشروع من الموظفين والإداريين الحاليين وفي المستقبل.
- الفرص والتهديدات في السوق.
- التمويل اللازم على أن يشمل التدفق المالي والميزانيات المختلفة.
- مبادرات التسويق.
- تحليل المنافسين.
عندما يفشل مُلاك المشاريع في تحديد احتياجات المشروع عبر عمل خطة جيدة قبل بدء تشغيل شركاتهم؛ فإنهم بذلك يعرضون مشاريعهم إلى تحديات جدية وكذلك الأعمال التي لا تُراجع خططها الابتدائية بصورة دورية أو في حالة عدم تجهيز خطة للتعامل مع التحديات في السوق أو الصناعة فيؤدي ذلك إلى مقابلة عوائق لا يمكن التغلب عليها خلال فترة تشغيل المشروع.
ولتغطية الثغرات المصاحبة لخطط المشروعات، لا بد أن يكون لدى رواد الأعمال أرض صلبة تمكنهم من الفهم الجيد للصناعة والمنافسة قبل بدء تشغيل الشركة.
تصميم الشركة طبقًا لنموذج عمل محدد وبنية تحتية يجب أن يكون موجودًا قبل فترة طويلة من توصيل المنتجات أو الخدمات إلى العملاء. والدخل المقدر لا بد أن يكون واقعيًا ومقدرًا مسبقًا؛ وذلك لخلق خطة عمل للمشروع والمحافظة على نجاحها.
4. العثرات التسويقية:
عادة ما يفشل ملاك المشروع في إعداد الاحتياجات التسويقية للشركة التي تتضمن التمويل اللازم. والوصول إلى العملاء المحتملين ومعرفة التوقعات الدقيقة لنسبة الاستهلاك.
فعندما تضع الشركة توقعًا منخفضًا لإجمالي تكاليف الحملات التسويقية المبكرة. تجد صعوبة في تحويل الدعم المالي اللازم من الأقسام الأخرى إلى التسويق؛ لأن التسويق محور شديد الأهمية في بداية أي مشروع.
ومن الضروري بالنسبة للشركات التأكد من وضع ميزانية واقعية للاحتياجات التسويقية الحالية والمستقبلية. ووضع تخمين واقعي بخصوص الشريحة المستهدفة ومبيعات معدل التحول، لأن التسويق محور مهم لأي عمل في مرحلته الابتدائية.
الأعمال التي لا تستطيع استيعاب هذه المحاور وضمها ضمن استراتيجية التسويق. معرضةٌ للفشل أكثر من الشركات التي تعطي الوقت اللازم لخلق وتطبيق حملات تسويق ناجحة وفعالة ماديًا.
مفاتيح سريعة:
الإفلاس أكبر خطر يواجه الأعمال الصغيرة، رواد الأعمال عادة يكونون على علم بالتمويل اللازم لتشغيل المشروع. لكن يغيب عنهم توضيح الناتج من الأرباح وهذا الفصل يمكن أن يكون كارثيًا.
الخبرة المنعدمة في إدارة الأعمال أو عدم الاستعداد لتفويض الصلاحيات قد يؤثر سلباَ في المشروعات الصغيرة . لأن الخطة غير الواضحة تؤدي إلى المشكلات المستمرة عند بدء التشغيل الفعلي للمشروع.
التخطيط أو التنفيذ الضعيف لحملات التسويق أو عدم وجود التسويق المناسب من الأسباب التي تؤدي إلى انحدار الأعمال الصغيرة.
ماذا يعني الإفلاس؟
الإفلاس هو تعبير يصف الوضعية القانونية التي يوجد عليها شخص طبيعي (فرد) أو معنوي (شركة) مَدين بالمال لأطراف أخرى (موردون، مصارف، إدارة الضرائب…) لكنه متوقف عن سداد ديونه وعاجز عن الوفاء بالتزاماته المالية تجاه دائنيه.
وتُعلَن حالة الإفلاس بحكم قضائي من طرف محكمة مختصة (المحاكم التجارية غالبا) وبمبادرة وطلب من الجهة المُفلسة نفسها أو من الدائنين أو من الدولة.
وتدرس المحكمة طلب إعلان الإفلاس وفقا لمسطرة قضائية محددة من أجل التأكد من توفر واستيفاء جميع شروطه. قبل النطق بالحكم الذي تكون له تبعات قانونية على المُفلس.
التبعات القانونية
إذا تعذر على الجهة المفلسة تدبير ضائقتها المالية عبر الوصول إلى حلول ودية مع مجموع الدائنين (إعادة جدولة للديون مثلا) أو من خلال البحث عن مستثمرين جدد لضخ أموال إضافية، أو تصفية أصل من الأصول المملوكة للشركة (عقار مثلا) أو أي وسيلة من الوسائل الأخرى الممكنة، فإن القضاء لا يجد محيدا عن إعلان حالة الإفلاس.
وتترتب على هذا الإعلان عدة تبعات قانونية قد تصل إلى حد العقوبة الحبسية في حق المُفلس.
وتقضي المحكمة، وفقا لحالة المفلس ومدى عسره المالي، بأحد أمرين:
– إما أن تعين وصيا على الشركة المفلسة (قد يكون محاميا أو خبير حسابات معتمدا عند المحاكم) كي يسهر على تدبير شؤونها أملا في تقويم وضعها المالي. والوصول إلى حلول مع الدائنين تضمن استمرارية الشركة وتحول دون فقد العمال لوظائفهم.
– وإما أن تأمر بتصفية أصول وممتلكات المفلس، وبيعها في مزاد علني. وتعيِّن لهذه الغاية قاضيا يتكفل بإدارة هذه العملية وسداد مستحقات الدائنين. ويرتب تعويضهم وفق أهمية كل دائن (صاحب امتياز أم دائن عادي) في حال ما إذا كانت الأموال المتحصلة من البيع غير كافية لسداد جميع الديون.
إذا قضت المحكمة بالخيار الأول، وظهر لها بعد حين من الزمن أن مسطرة التقويم وإعادة الهيكلة تعجز عن تصحيح الاختلالات المالية للشركة المفلسة، فإن القضاء يتجه إلى الخيار الثاني، والمتمثل في تصفية الشركة.
ويمكن أن يتعرض المفلس أو القيمون على إدارة الشركة المفلسة لمتابعات قضائية إذا ثبت تورطهم ومسؤوليتهم المباشرة. من خلال التلاعب أو الاحتيال، في الوضع الذي آلت إليه ذمتهم المالية. وقد تصل هذه المتابعات إلى حد العقوبة بالسجن.