ما هو الوعي بالذات وكيف تطوره؟

كثيرون منّا يشعرون أنّهم يمتلكون جوانب في شخصيّتهم أو حياتهم لا يستطيعون فهمها. قد يلاحظون أيضًا بعض التصرّفات والتوجهات والسلوكيات التي يقومون بها مرارًا وتكرارًا . على الرغم من أنّها في كلّ مرّة تقودهم إلى نتائج سلبية، ولكنهم لا يستطيعون التوقّف عنها.

فما هو السبب وراء ذلك يا ترى؟

حسنًا، يعود الأمر في الكثير من الأحيان إلى افتقار مثل هؤلاء الأشخاص إلى مهارة حياتية مهمّة، ألا وهي “الوعي بالذات” أو الـ Self-awareness باللغة الإنجليزية.

القدرة على أن تكون واعيًا بذاتك، تعتبر من أصعب المهارات التي يمكن للبشر اكتسابها وتطويرها. فماذا يُقصد بها يا ترى؟ وهل بالإمكان اكتسابها حقًا؟.

لتعرف الإجابة، ما عليك سوى قراءة المقال حتى النهاية، ففيه الدليل الشامل لمهارة الوعي الذاتي وكيفية اكتسابها وتطويرها.

ما هو الوعي بالذات وكيف تطوره؟

ما هو الوعي بالذات؟

يعبّر الوعي بالذات،أو الـ Self-awareness. عن عادة الانتباه إلى الطريقة التي نفكّر ونشعر بها، ونتصرّف بناءً عليها. وبتفصيل أكبر. يعني ذلك:

  • البحث عن الانماط المختلفة في طرق التفكير التي نميل إليها، وكيفية ملاحظة المواقف التي نمرّ بها. بالإضافة إلى كيفية تفسير الأشياء لأنفسنا وفهم العالم من حولنا.
  • فهم مشاعرنا الخاصّة وأمزجتنا المتنوعة. بدلا من محاولة تجنّبها أو إصلاحها، نكتفي بمراقبة مشاعرنا وملاحظتها، حتى وإن كانت صعبة أو غير مريحة.
  • الانتباه إلى الكيفية التي نتصرّف بها في مواقف معيّنة. ما هي استجابتنا الطبيعية للأشياء؟ ما هي عاداتنا وسلوكياتنا؟.

باختصار، فالوعي بالذات يعني الانتباه ومحاولة معرفة المزيد حول أنفسنا وذواتنا.

فوائد الوعي بالذات :

فوائد الوعي بالذات لا تعدّ ولا تحصى. لكن نذكر منها الأكثر شيوعًا:

1- بناء علاقات أفضل :

من الصعب أن تحدّد ما تريد الحصول عليه وما تحتاجه . في علاقة معيّنة ما لم تكن واضحًا بخصوص هذه الأمور بينك وبين نفسك.

بالإضافة إلى ذلك، كلّما كان وعيك بذاتك متدنّيًا، أصبح من السهل عليك أن تكون دفاعيًا . أكثر في تعاملك مع الغير، وهذا ما يؤدي إلى انهيار العلاقات بكافة أنواعها.

إذا كنت تريد بناء علاقات أفضل مع زملائك أو أصدقائك أو شريك حياتك، ابدأ بالتعرف على ذاتك أوّلاً!.

2- تحسين المزاج :

يعتمد مزاجنا واختلاف مشاعرنا من وقت لآخر اعتمادًا كبيرًا على قرارنا الشخصي بكيفية التفكير أو التصرّف. وحينما نحسّن وعيَنَا بالعلاقات المتبادلة بين أفكارنا وتصرّفاتنا ومشاعرنا، سيصبح من السهل للغاية. التحكّم في هذه المشاعر وتنظيمها، ممّا يؤدي بلا شكّ إلى تحسين المزاج.

3- تطوير مهارات اتخاذ القرارات :

تأتي القرارات السيئة في غالب الأحيان نتيجة للأفكار المتضاربة، وردّات الفعل العاطفية القويّة. لذا، عندما نصبح أكثر وعيًا بأنماط تفكيرنا ومشاعرنا، سيصبح في وسعنا التمييز بين الرغبات الفجائية السريعة، وبين القيم والأهداف طويلة الأمد.

حينما ندرك هذا الأمر، سنصبح أكثر قدرة على اتخاذ قرارات سليمة مبنية على دراسة وتفكير منظّم، وليس مجرّد رغبات جامحة عابرة.

4- تعزيز مهارات التواصل الفعال :

عندما تمتلك وعيًا أكبر بما تؤمن به وتريده حقًا، سيصبح في وسعك التواصل بشكل أفضل . في مختلف مجالات الحياة، سواءً مع مديرك في العمل، أصدقائك المقرّبين، أو شريك حياتك.

كلّما عرفت نفسك أكثر، أصبح من السهل التواصل مع الآخرين بحزم، وصار بإمكانك التعبير عن رغباتك بصدق، بل واحترام الآخرين ورغباتهم أيضًا.

5- رفع الإنتاجية :

إنّ السبب الحقيقي وراء التأجيل والتسويف وتراجع الإنتاجية لا يتعلّق بالافتقار إلى الالتزام أو الجهد المبذول في العمل، وإنّما بمشاعر وأسباب أخرى داخلية.

حينما تواجه صعوبة في الذهاب إلى العمل، فذلك مردّه في العادة أنّ أفكارًا أو مشاعر أو عاداتٍ محدّدة تقف في طريقك. لذا فإنّ تحسين وعيك بذاتك سيسهم بشكل كبير في التخلّص من جزء كبير من هذه المعيقات التي تقف في طرق إنتاجيتك.

ما هو الوعي بالذات وكيف تطوره؟

اختبار الوعي الذاتي :

تحدّثنا إذن عن مفهوم الوعي الذاتي وأهميته في مختلف جوانب الحياة. لكن، كيف يمكنك معرفة إن كنت تمتلك الوعي الكافي بالذات أم لا؟

على الرغم من أنّ هذا الاختبار . ليس تقييمًا علميًا أو سريريًا دقيقًا، لكنه صحيح إلاّ حدّ ما. حيث قام بوضعه وتطويره Mike Bundrant، وهو مدرّب في البرمجة اللغوية العصبية وصاحب الخبرة لمدة تقارب الـ 25 سنة. في مجالات الاستشارات النفسية.

يتكوّن الاختبار من 12 سؤالاً من أسئلة الخيارات المتعدّدة، والتي ستحصل على علامة محدّدة . عند الإجابة عنها بالإضافة إلى تحليل مفصّل لمستوى وعيك الذاتي، والمجالات التي يتعيّن عليك العمل على تطويرها.

فضلاً عن هذا الاختبار، يمكنك أيضًا تجربة اختبار تحليل الشخصية . من خلال الضغط على الصورة أدناه، حيث أنّ النتيجة قد تتعارض مع طريقتك في رؤية نفسك، ممّا يشجّعك على إعادة تقييم نقاط قوّتك ومواطن ضعفك مرّة أخرى.

كيف تصبح أكثر وعيا بذاتك؟

بعد أن تعرّفت على مستوى وعيك بذاتك، واكتشفت أنّك ربما بحاجة لتطويره . ورفعه، قد تتساءل الآن: كيف أفعل ذلك؟.

سبق أن وضّحنا في بداية المقال أن الوعي بالذات . هو أحد أصعب المهارات الإنسانية، لكن ذلك لا يعني أنّ اكتسابها وتطويرها أمر مستحيل. بالتدريب والتمرين يصبح كلّ شيء ممكنًا.

فيما يلي، بعض الطرق البسيطة التي ستساعدك في أن تصبح أكثر وعيًا بذاتك وفهمًا لخفايا نفسك.

1- استخدم “ماذا” بدلا من “لماذا”! :

حينما يقيّم الأشخاص حالتهم في لحظة معيّنة، أو مشاعرهم أو البيئة المحيطة بهم، غالبًا ما يطرحون أسئلة تبدأ بـ “لماذا؟”. مثلاً:

  • لماذا أشعر بالحزن؟.
  • لماذا أعطاني مديري في العمل هذه التغذية الراجعة؟.
  • لماذا لا تسير أموري كما يجب؟.

إليك السبب وراء كون استخدام مثل هذه الأسئلة غير ذي نفع:

بداية وبحسب العديد من الدراسات والبحوث، فإنّك لا تستطيع الوصول إلى الكثير من الأفكار والمشاعر . والدوافع المخزّنة في عقلك الباطن. لذا، فعندما تتصرّف أو تفكّر على نحو معين، ستكون مخطئًا في تفسير سبب تصرّفك هذا.

على سبيل المثال، لو تعرّضت لانتقاد من مديرك في العمل، قد تبدأ على الفور بالتفكير . أنّ السبب في ذلك، هو أنّك غير مناسب للوظيفة، أو أيّ من مخاوفك الأخرى.

سيكون من الصعب عليك حينها أن تقيّم نقاط قوّتك وضعفك بشكل عادل غير متحيّز يساعدك للوصول إلى استنتاج صحيح.

فضلاً عن ذلك، قد تهمل إدخال الاستجابات الفسيولوجية إلى المعادلة خلال محاولتك لفهم سبب تصرّفك على نحو معيّن. فربّما فقدت أعصابك في موقف ما بسبب قلّة النوم، أو انخفاض مستويات السكر في جسمك!

كما أظهرت البحوث أيضًا أن الأشخاص الانطوائيين يكونون غالبًا أكثر عرضة للتفكير بشكل سلبي عند تقييم أنفسهم، وعليه فإنّ تقييم الذات باستخدام أسئلة تبدأ بـ “لماذا؟” سيولّد مشاعر الإحباط والقلق في داخلك، ولن يكون مفيدًا على الإطلاق.

ما هو الوعي بالذات وكيف تطوره؟

بدلاً من ذلك، يستخدم الأشخاص أصحاب الوعي الذاتي العالي: “ماذا؟” في أسئلتهم. نظرًا لأنّ هذا النوع من الأسئلة أكثر نفعًا، كونها تركّز على الأهداف المستقبلية بدلاً من تركيزها على أخطاء الماضي.

لنقل مثلاً أنّك تشعر بالإحباط في عملك. حينما تطرح سؤالاً مثل: “لماذا أشعر بالإحباط؟” ستشعر غالبًا بالمزيد من الضيق والاكتئاب، وستذهب بعقلك إلى أفكار أكثر سلبية.

ولكن، إن سألت نفسك: “ما هي المواقف التي تُشعرني بالإحباط في عملي؟”، ستبدأ حينها بالتفكير في العوامل الخارجة عن إرادتك والتي تتعارض مع شغفك وأهدافك، ممّا يتيح المجال أمامك لإصلاح هذه المواقف.

2- انتبه أكثر لما يزعجك في الآخرين :

يجهل الكثيرون حقيقة أنّ العديد من الأمور التي تزعجهم في الآخرين، ما هي في الواقع إلاّ انعكاس لصفات وسلوكيات يكرهونها في أنفسهم.

جميعنا نمتلك جوانب لا نحبّها في أنفسنا، ولا نشعر بالفخر لوجودها فينا، وفي حال كنّا نجهل كيفية التخلّص منها، أو نؤمن في أعماقنا أنّه من المستحيل التغلّب عليها، سنلجأ على الأغلب إلى الحلّ الأفضل التالي… ألا وهو عدم التفكير فيها.

على الرغم من أنّ تجاهل هذه الجوانب قد يكون مريحًا، إلاّ أنّه ليس حلاًّ منطقيًا على المدى البعيد. لذا، وفي كلّ مرّة تشعر بأنّ تصرّفًا معيّنًا في أحدهم يزعجك كثيرًا، اسأل نفسك قبل كلّ شيء:

هل يمكن أن يكون هذا التصرّف انعكاسًا لصفة أو سلوك أكرهه في نفسي؟ هل أتصرّف بطريقة مشابهة أنا أيضًا؟

الإجابة عن هذا السؤال ستكشف لك الكثير عن نفسك وتزيد من وعيك بذاتك.

3- اقرأ قصصا خيالية عالية الجودة :

يُقال عادة أنّ المؤلفين الرائعين هم مراقبون رائعون للعالم من حولهم. وهذه المقدرة الفريدة على ملاحظة التفاصيل الدقيقة الخفية هي بالضبط ما يتيح لهم إعادة بناء العالم في أعمالهم بطريقة مؤثرة مثيرة للمشاعر.

لكن أفضل الكتّاب على الإطلاق، هم أولئك الخبراء في ملاحظة الطبيعة الإنسانية على وجه الخصوص. حيث تنطوي وظيفتهم على الانتباه إلى التفاصيل الصغيرة جدًا في مشاعر ورغبات وأفكار الآخرين، والتي غالبًا ما نمرّ عنها مرور الكرام في خضمّ روتين الحياة المليء بالمشاغل.

ليس عليك أن تكون كاتبًا أو أديبًا عظيمًا، لكن لا ضير في أن تتعلّم أمرًا أو اثنين عن نفسك من خلال مراقبة العالم من حولك كما يفعل المؤلفون.

من خلال تقديم وصفٍ وافٍ للشخصيّات، تعلّمنا القصص والروايات الخيالية عالية الجودة كيفية التفكير في الآخرين بعمق، ومع كثير من التعاطف. وكلّما أصبحنا أفضل في ملاحظة الغير، تحسّنت وتطوّرت نظرتنا لأنفسنا.

ما رأيك إذن في البدء بقراءة تلك الرواية التي اشتريتها قبل عدّة أشهر وألقيت بها في درج مكتبك؟

خصّص بعض الوقت في يومك للقيام بذلك، ولاحظ أثر القراءة على مدى وعيك بنفسك، وفهمك لخفاياها.

4- اطلب الحصول على تغذية راجعة وتقبلها :

إليك السؤال التالي: “كم مرّة تسعى في العادة للحصول على تغذية راجعة عن نفسك؟”

إن كنت من البشر الطبيعيين العاديين، فأنت على الأغلب لا تفعل ذلك كثيرًا. وهو أمر مؤسف حقًا، ذلك أنّ التغذية الراجعة الحقيقية هي واحدة من أسرع طرق النمو الشخصي وأكثرها فعالية.

وفي الوقت الذي يوجد لدى كلّ واحد منا جوانب في نفسه يعلم أنه بحاجة لتحسينها، تبقى الجوانب التي لا ندركها هي الأهمّ على الإطلاق.

الطريقة الوحيدة لاكتشاف هذه الجوانب هي من خلال سؤال الآخرين عنها. وطلب تغذية راجعة صادقة منهم.

كيف ذلك؟

إليك بعض الاقتراحات لتحقيق هذا الأمر:

اختر الشخص المناسب :

ابدأ باختيار شخص مناسب تربطك به علاقة وطيدة: أب، أم، زوج/ة، صديق مقرّب…الخ

حاول أن تختار شخصًا، تسمح علاقتك معه أن يخبرك بالجوانب السلبية فيك بصدق، دون مجاملة أو خوف.

ابدأ صغيرا :

اطلب تغذية راجعة حول أمر بسيط أو ثانوي. وذلك كي تبني ثقة الطرف الآخر بأنّك ستتقبّل النقد جيدًا. في حال تقبّلت انتقاده حول أمر صغير بشكل جيّد، سيتمكّن هذا الشخص على الأرجح من إخبارك بأمور أعمق وأكثر جديّة.

تقبل الانتقاد بروح رياضية :

تجنّب اتخاذ الموقف الدفاعي بأيّ ثمن. عليك بالطبع توقّع حقيقة أنّه لن ينتابك إحساس رائع حينما يخبرك أحدهم عن سلبياتك. ولا ضير في ذلك…من الطبيعي أن تشعر على هذا النحو.

ابذل جهدك لتقبّل التغذية الراجعة التي تتلقّاها، اشكر الشخص الذي قدّمها لك، ووضح له أنّك ستبذل جهدك للتعامل مع هذه الجوانب السلبية فيك.

5- قم ببعض الرحلات الصغيرة :

تجبرك زيارة الأماكن الجديدة والبيئات الغريبة على الخروج من روتينك الخاص، لتجعلك أكثر وعيًا بذاتك. لذا لا أحد ينكر أهميّة السفر إلى الخارج في تحقيق النمو على المستوى الشخصي.

لكن، قد لا يكون هذا الأمر في متناول الجميع. ومع ذلك لا يزال في وسعك الاستفادة من منافع السفر في تطوير وعيك الذاتي.

ليس عليك الترحال إلى بلاد أخرى أو قارة جديدة. إذ يمكنك تحقيق نفس النتيجة من خلال السفر على المستوى المحلّي.

إن كنت تعيش في مدينة كبيرة على سبيل المثال، فأنت على الأغلب تعرف حيّك جيدًا والمنطقة التي تعمل أو تدرس فيها، بالإضافة إلى بعض المناطق الأخرى. لكن هناك بالتأكيد أحياء وضواحي أخرى لا تعلم عنها شيئًا.

فلماذا إذن لا تبدأ باستكشافها وزيارتها من حين لآخر؟

السفر لا يعني بالضرورة رحلة بالطائرة إلى النصف الآخر من الكرة الأرضية. فهو أوسع من ذلك بكثير…لا تتردّد في استكشاف مناطق جديدة في مدينتك أو بلدك. سيزداد وعيك الذاتي تمامًا كما لو كنت مسافرًا إلى بلادٍ أخرى، وبثمن زهيد لا يضاهي ثمن السفر إلى الخارج!

6- اكتسب مهارة جديدة :

كما أن السفر يجبرنا على أن نصبح أكثر وعيًا بذواتنا من خلال وضعنا في أماكن جديدة مختلفة، فإنّ تعلّم مهارة جديدة يوسّع وعينا الذاتي أيضًا من خلال إجبارنا على التفكير بطرق مختلفة.

بمجرّد أن يتقدّم بنا العمر قليلاً، نجد أنّنا أصبحنا أكثر تشبّثًا بطرقنا الخاصّة في القيام بالأمور. ممّا يلقي بنا في منطقة الراحة.

حينما نقوم بالأشياء التي نبرُع فيها فقط، سنميلُ للتفكير حينها بأننا بارعون في كلّ شيء ونفهم تمامًا طريقة سير العالم من حولنا.

الطريقة الوحيدة للتغلّب على هذا الأمر هي من خلال تحفيز ما يُسمّى بـ “عقل المبتدئ” أو الـ Beginner’s Mind.

تتمحور فكرة العقل المبتدئ، حول حقيقة أنّ تعلّم أشياء جديدة، يحتاج إلى أن يكون العقل مرنًا وقادرًا على رؤية الأمور من حوله بمنظور جديد، تمامًا كما هي حال الأطفال.

بمعنى آخر، إن كنت ترغب في تعزيز المرونة والتجدّد في نفسك، وفي طريقتك لرؤية الأمور (الوعي الذاتي)، عليك أن تعود للمستوى المبتدئ. والطريقة الأمثل لتحقيق ذلك، هي من خلال تعلّم مهارة جديدة كليًّا.

7- خصص وقتا لتوضيح قيمك ومبادئك الخاصة :

كم مرّة في حياتك خصّصتَ وقتًا للتفكير في قيمك العليا وطموحاتك الخاصّة بصدق وجديّة؟

إن كنت مثل الغالبية العظمى من البشر الغارقين في مشاغل الحياة وضغوطاتها، فأنت على الأرجح لم تملك يومًا ما يكفي من الوقت للتفكير في مثل هذه الأمور العميقة.
ولهذا السبب بالذات، لا تستغرب كثيرًا إن كنت تواجه صعوبة في تحقيق أهدافك، أو الوصول إلى مرحلة الرضا التامّ…في النهاية أنت لا تقضي أيّ وقت في التفكّر في هذه الأهداف أو كيفية تحقّقها على أرض الواقع!

ليس هذا وحسب، إذ ليس من الغريب أيضًا أن الكثير منّا ينتهي بهم الأمر في ملاحقة أهداف وهمية فرضتها علينا الثقافة والمجتمع المحلّي (سيارة فارهة، منزل كبير، شهادة جامعية، ارتباط في سنّ معيّنة…الخ).

وهي أهداف لا يُشعرنا تحقيقها في كثير من الأحيان بالرضا أو السعادة الحقيقية.

أحد أشكال الوعي بالذات المهمّة يتمحور حول إدراك وفهم الأشياء المهمّة بالنسبة لك حقًا. أسئلة مثل:

  • لماذا أنت هنا الآن؟
  • ما الذي خُلقت لتحقيقه وإنجازه في الحياة؟
  • ما الذي يحقق لك حياة مُرضية يمكنك أن تشعر بالفخر لعيشها؟

هذه الأسئلة قد تبدو لك عظيمة وعميقة للغاية، لكن السبب في ذلك على الأرجح، هو أنّك تقضي الكثير من الوقت في التفكير فيها.

ليس عليك أن تصبح فيلسوفًا، وتقضي نهارك بأكمله باحثًا عن سرّ وجودك! لكن، يمكنك القيام بالتالي:

  • أمسك رزنامتك، وحدّد عليها موعدًا مع نفسك. خصّص حوالي 30 دقيقة مرّة واحدة في كلّ شهر للتفكّر في قيمك العليا وأهدافك وطموحاتك.
  • خلال هذه الجلسة مع الذات، أخرج ورقة وقلمًا، وقم بعملية عصف ذهني مع نفسك، فكّر بإجابات عن هذه الأسئلة، واكتب الأمور التي ترغب في تحقيقها والوصول إليها.
  • ليس هناك طريقة صحيحة أو خاطئة للقيام بهذا الأمر، فالمهمّ هنا هو أنك تمنح نفسك الفرصة للتفكير في هذه الأسئلة العميقة. والإجابة عنها ستبهرك حقًا!

وهكذا نجد أنّ الوعي بالذات ليس مجرّد أمر فلسفي عميق، وإنما هو مهارة شخصية يحتاجها كلّ شخص في كلّ وقت وفي كلّ حين.

عندما تصبح أكثر وعيًا بذاتك وفهمًا لخفايا نفسك، سيصبح في وسعك فهم العالم من حولك، وبالتالي ستمتلك القدرة على التعامل معه بشكل أفضل ممّا يوصلك إلى أهدافك وطموحاتك.