اسمه ولقبه : عمر بن الخطاب بن نفيل بن لؤي القرشي، ويُكنى بأبي حفص، ويُلقب بالفاروق، وتُرجح المصادر التاريخية أنهُ ولد بعد ثلاثة عشر عاماً، من عام الفيل، وكناهُ بأبي حفص الرسول صلى الله عليه وسلم ، أما لقب الفاروق، فيقال أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد لقبه به، ويقال أيضاً، أن المسلمين قد لقبوه بهذا اللقب بعد اجتماعهم لتعيين خليفة لهم، بعد أبي بكر الصديق رضي الله عنه.

تحمّل عمر بن الخطاب رضي الله عنه في سن صغيرة مسؤولية نفسه، فكان فقيراً، وعمل في رعي الإبل. ثم اشتغل في التجارة، حتى تمكن بذكائه، وفطنته من أن يصبح من كبار القوم في قريش. وأن يتمكن من تحصيل ثروة من المال، وكان رضي الله عنه كريماً، وعطوفاً يساعد الفقراء، والمحتاجين.

إسلامه :

إسلام عُمر بن الخطاب رضي الله عنه، كان في العام السادس، أو السابع للبعثة النبوية الشريفة وقد تعرض للأذى الشديد من كُفار قريش عندما علموا بإسلامه. أما عن قصة إسلامه فقد خرجَ لقتل الرسول صلى الله عليه وسلم، وفي طريقه قابل صديقاً له. فأخبره عن نيتهِ بقتل الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال له صديقه: (اذهب لقتل أختك. وزوجها فإنهما قد أسلما)، فذهب إليهما غاضباً. فلما اقترب من بيت أخته، سمعَ كلاماً كان يسمعه لأول مرة في حياتهِ.

كان صحابيٌ يُسمى خباب بن الأرت يُعلم فاطمة بنت الخطاب، وزوجها سعيد بن زيد رضي الله عنهم القرآن الكريم. فعندما شعرَ خباب بأن عمراً بالباب اختبأ داخل البيت، فدخل عمرٌ رضي الله عنه بيت أخته. وسألها: ما هذا الصوت الذي سمعته عندكم؟، فأجابت: إنه حديثٌ كان يدور بيني، وبين زوجي. ولكنه قال غاضباً: علمتُ بأنكما قد أسلمتما، فأجابا: أترى يا عمر أن الحق يكون في غير دينكَ؟ فغضب منهما غضباً شديداً، وضربهما، وعندما رأى أختهُ جرحت، ونزف دمها، طلبَ منها الصحيفة التي كانوا يقرأون منها، فرفضت. وقالت له: اغتسل، هذا القرآن لا يمسه إلا المطهرون.

بعد أن قرأ عمر بن الخطاب رضي الله عنه آيات من سورة طه، ظهر نور الإيمان في قلبه وطلب من خباب أن يدلهُ على مكان وجود الرسول صلى الله عليه وسلم وعندما وصلَ عمر الدار التي كان يوجد فيها الرسول صلى الله عليه وسلم ، ومجموعة من الصحابة رضي الله عنهم أشار الرسول صلى الله عليه وسلم لعمر ليدخل الدار، فجمعَ عُمر بن الخطاب رضي الله عنه ثوبه. ووضع سيفه، وقال مخاطباً الرسول صلى الله عليه وسلم: أشهدُ أن لا إله إلا الله، وأشهدُ أنكَ رسول الله.

عمر بن الخطاب علمه وفقهه :

كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه من الصحابة الذين يتميزون بالعلم، والفقه، وكان حذراً عندما يُسأل بأمر ديني، فلا يفتي أية فتوى إلا بعد أن يتأكد من أنها صحيحة، وكان قاضياً متميزاً، وعادلاً يعطي كل إنسان حقه، ولا يفرق في الحق بين المسلمين، وحتى غير المسلمين ممن عرفوه، فعرفوا عنه عدله، وهذا ما يظهر واضحاً، عندما كتب العُهدة العُمرية لنصارى بيت المقدس، فدخلها المسلمون دون قتال، وعُرفَ عنه اهتمامه بالشعر العربي، فكان ينظمهُ، ويحبُ سماعهُ.

خلافة عمر بن الخطاب :

الأيام الأخيرة من حياة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، طلب من الصحابة رضي الله عنهم، أن يجتمعوا لاختيار خليفة للمسلمين من بعده. فقد اشتد المرض به، ولم يتمكن الصحابة من اختيار الخليفة المناسب، وذلك بسبب تفضيل كل واحد منهم غيره على نفسهِ.

استدعاهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وسألهم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقالوا عنه القول الحسن. فطلب أبو بكر، من عثمان بن عفان رضي الله عنه أن يكتب كتاباً يوصي فيه بالخلافة من بعدهِ لعمر بن الخطاب رضي الله عنه. وفي عهد خلافة الفاروق عمر رضي الله عنه، انتشر الإسلام بشكل كبير، مع انتشار الفتوحات الإسلامية في بلاد الشام، ومصر، وفارس، وغيرها.

صفاته الجسدية :

صفات عمر -رضي الله عنه- الجسديّة كلّها دالَّةٌ على قوّته وهيبته وحزمه ووقاره. وقد ذكر أهل السِّيَر العديد من صفات عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- الخَلقيّة، وهي:

  • كان عمر -رضي الله عنه- آدم اللون، والأُدمة تعني السّمرة، وقد ذكرت بعض الأخبار أنّه كان أبيض اللّون. ولكن القول الأول أثبت.
  • كان عمر -رضي الله عنه- رجلاً قوي الجسم، طويل القامة، ويُرى دون سائر الناس.
  • كان رجلاً ضخم الجسم، وبعيد ما بين المنكبين؛ أي إنّ ظهره وصدره ممتدّان.
  • كانت له لحية عظيمة. كان أصلع الرأس، وقيل: كان كثير شعر الرأس، وكثير الشَّيْب، وكان يحلق شعره.
  • كان عمر -رضي الله عنه- أعسر يسَرا؛ أي يعمل بيديه الاثنتين، ويُسمّى بالأضبط.
  • كان جهوريّ الصوت، وإذا غضب ظهر عليه ذلك وفتل شاربه. كان رجلاً سريعاً في مشيته، وكان بفخذه شامة سوداء.

صفاته الأخلاقية :

تميّز -رضي الله عنه- بالعديد من الصفات الأخلاقية الكريمة، وهي كثيرة لا يمكن حصرها في مقالٍ، لِذا نذكر أبرزها فيما يأتي:

  • التقوى والخوف من الله كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- شديد الخوف من الله -تعالى-، ويُحاسب نفسه دائماً، ويقول للنّاس: “حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، وتهيؤوا للعرض الأكبر (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لاَ تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ)”، وإذا خُيِّل إليه أنّ أخطأ في حق فلان أمر أن يأتيه ليجعله يقتصّ منه، وكان يقول من شدّة خوفه من الله: “لو مات جَدْيٌ بطف الفرات لخشيت أن يحاسب الله به عمر”.
  • الشجاعة تميّز عمر -رضي الله عنه- بالقوّة والشجاعة، فقد كان جريئاً يُدافع عن الحقّ دائماً، ولا يخاف لومة لائم، ومن المواقف التي تدلّ على ذلك ما رواه علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، إذ قال: “ما علمت أحداً هاجر إلا مختفياً إلا عمرَ بن الخطاب…”.ثمّ بيّن أنّ عمر لمّا أراد الهجرة أخذ سيفه وقوسه، وحمل الأسهم في يده، وجاء إلى الكعبة، فطاف حولها سبعاً وصلّى ركعتين، ثمّ جاء إلى أشراف قريش الجالسين هناك فقال لهم: “شاهت الوجوه، من أراد أن تثكله أمه، ويُؤتَم ولده، وتَرْمُل زوجته؛ فليقني وراء هذا الوادي”، ولم يتبعه أحد.

غزارة العلم كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- رجلاً كثير العلم، ومن أقوال أهل العلم الدّالة على ذلك ما يأتي:

  1. قال مجاهد -رحمه الله-: “إذا اختلف الناس في شيء فانظروا ما صنع عمر فخذوا به”.
  2. قال الشعبي -رحمه الله-: “مَنْ سَرَّه أن يأخذ بالوَثيقة في القضاء، فليأخذ بقول عمر”.
  3. قال ابن المسيّب -رحمه الله-: “ما أعْلَم أحدًا بعد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أعلم من عمر بن الخطاب”.
  • الزهد اشتهر عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بالزّهد والكرم، فقد أنفق نصف ماله كلّه في سبيل الله للجهاد . ولمّا سأله النبي الكريم عمّا أبقاه لأهله قال: “تركت لهم شطر مالي” . فأثنى النبي الكريم عليه، وعندما غَنِم مالاً في خيبر أوقفه للمساكين واليتامى وذي القربى . وكان يأكل الخبز والزيت، ويربط على بطنه الحجر ويقول: “قرقري كما تريدين، والله لا تأكلين إلا هذا الطعام، زيت وخبز”.
  • التواضع كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- شديد التواضع، وأخرج البخاري في تاريخه أنّ عمر -رضي الله عنه- كان يسير على حماره فلقيته امرأةً وأوقفته، وأغلظت له في القول، فتعجّب رجلٌ وقال: “يا أمير المؤمنين ما رأيت كاليوم” فقال عمر -رضي الله عنه-: “وما يمنعني أن أسمع لها وهي التي سمع الله لها وأنزل فيها ما أنزل: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا)”.
  • العدل اشتهر عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بالعدل في رعيّته . وفي يومٍ من الأيام جاء رسولٌ من الرّوم يسأل عن قصر أمير المؤمنين، فدلّه أحد الرجال على مكانه. فقال رسول الروم له: “أسأل عن أمير المؤمنين لا على آحاد الرعية”، فأخبره الرجل أنّه أمير المؤمنين، فلمّا جاء وجد عمر -رضي الله عنه- نائماً تحت شجرة، فقال مقولته المشهورة: “حكمت، فعدلت، فأمنت، فنمت يا عمر”.

صفاته القيادية :

كان -رضي الله عنه- قائداً عظيماً وناجحاً، وتميّر بالحِكمة والذّكاء، وله مهارات متميّزة في الخطاب . ولذلك بايعه الناس بعد وفاة أبي بكر -رضي الله عنه-، وأحبّوه حباً شديداً بسبب عدله وشجاعته ورحمته.

وقد اتبع نهج التسامح الديني مع أهل الديانات الأخرى، وكانوا يدفعون الجزية بأقلّ مما يدفعونه لحكّام الروم. . أمّا غير القادرين منهم فلا يطلب منهم ذلك، وتميّز -رضي الله عنه- بحكمته العسكرية . إذ كان يضع العديد من الاستراتيجيات والخطط العسكرية التي ساهمت في فتح العديد من الأراضي والبلاد.

وفاة عمر بن الخطاب :

عندما كان يصلي الخليفة رضي الله عنه صلاة الفجر، طعنه فيروز أبو لؤلؤة المجوسي، وفي أيام الفاروق الأخيرة أمر الصحابة الكرام بالشورى بينهم لاختيار خليفة للمسلمين من بعده وتوفي عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الأول من شهر محرم، ودُفن بجانب الرسول صلى الله عليه وسلم . وأبي بكر الصديق رضي الله عنه.