سيدنا سليمان عليه السلام ورث مُلك نبي الله الملك داوود، وهذه ليست وراثة مال وإنما وراثة مُلك ونبوة وظهرت معجزات عجيبة لسليمان عليه السلام ومن معجزاته أنه كان يعرف لغة الطيور، والله جعله ملكًا ليس في الدنيا كلها ملك أعظم من سلميان لا في من سبقه ولا من يأتي بعده، حيث تحكم في كل شيء.

معجزات سيدنا سليمان عليه السلام

تسخير الجن له فقط

ومما سخر له ولم يسخر لأحد قبله ولا بعده الجن، جميع الجن كانوا مسخرين له، والجن أمم وقبائل ولهم أعمال ووظائف فمنهم البناء والغواص والنحات وغير ذلك.

كان الذين يعصونه كان عنده قدرة أن يحبسهم وكان يربط كل اثنين من الجن في سلسلة واحدة، وهذا كان عطاء من الله لسليمان بدون حساب في الجن.

قال الله: وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ ۖ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ (12) يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ ۚ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا ۚ وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13) ( سورة سبأ )

فكان الجن يصنعون التماثيل وهذا كان حلال في شريعة سليمان عليه السلام، لكن تم تحريمها في الشريعة الاسلامية خوفًا من عبادتهم من دون الله.

وكانوا يصنعون الجفان يعني الآواني والأحواض وكل ماعون بحجم بحيرة، وكانوا يصنعون القدور الثابتات التي لا تتحرك، فكان القدر الواحد بحجم القصر أحيانًا فكان يملأ بالطعام ويطبخ ويعطى للناس من الجن، ويؤخذ الطعام فيوضع في هذه الآنية التي كالأحواض بإذن الله وبقدرة الله عز وجل.

يقول الله تعالى:

وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَن يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَٰلِكَ ۖ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ (82) ( سورة الأنبياء )

أي كان الشياطين يغوصون في البحار ويأتون بالمجوهرات والكنوز لسليمان عليه السلام.

تسخير الريح لسيدنا سليمان عليه السلام

وكان يتحكم سيدنا سليمان في الرياح وتجري بأمره؛ يقول الله: ” فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (36)” (سورة ص). والمقصود هنا الرياح التي تنزل الأمطار.

وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ۚ وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ (81) ( سورة الأنبياء) – أي انه كان يمتلك الرياح العاصفة أيضا.

انتقال سيدنا سليمان وجيشه بالرياح

وكان ينتقل سيدنا سليمان عليه السلام بجيوشه باستخدام الريح حيث كان لديه بساط مصنوع من خشب هائل فإذا اراد الانتقال من مكان لمكان كان يركبون على هذا الخشب وكانت الرياح تقطع مسافة الشهر ما بين الفجر والظهر وإذا ما أرادوا العودة بين الظهر والمغرب.

يقول الله: وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ ۖ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ ۖ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ ۖ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ (12) سورة سبأ.

وكان من معجزاته أيضًا النحاس بالنسبة لسليمان عليه السلام حيث جعل الله له عينا تسيل منها النحاس.

يقول الله

وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ ۖ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ ۖ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ ۖ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ (12) سورة سبأ

وكان يحب الخيل وخاصة الخيل الصافنات وكثروا عنده والخيل الصافن هو الخيل الذي يقفل على ثلاثة أرجل ثم يرفع الرجل الرابعة ويضع حافره فقط على الأرض وكأنه متبختبر، وكان من أجود أنواع الخيول وكانت الخيول التي ينتقيها من هذا النوع ونوع آخر من الجياد وهو السريع.

يقول الله تعالى:

وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ ۚ نِعْمَ الْعَبْدُ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ (30) إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ (31) ( سورة ص).

في الرواية أنه عرض عليه استعراض بالخيول الجياد السريعة والصافنات، وأنها كانت أكثر من 20 ألف جواد وأخذ يستعرضها

وطال الاستعراض وذكره عن الذكر ( الورد اليومي ) الذي يقرأ فيه الزبور حتى غابت الشمس.

فانتبه وقال انا أحببت الخيول عن ذكر الله حتى غابت الشمس، فأمر ردها عليه وبدأ يمسح الخيول ويستغفر الله عز وجل لاعادتها إلى الجهاد:

يقول الله

فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّىٰ تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ (32) رُدُّوهَا عَلَيَّ ۖ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ (33) ( سورة ص).

وتزوج سيدنا سليمان عليه السلام ألف امرأة، وفي يوم أقسم وقال لأطوفن الليلة على سبعين امرأة، كل واحدة تأتي بفارس يجاهد في سبيل الله، ولم يقل إن شاء الله.

فطاف عليهم وكان الله أعطاه القوة لذلك فلم تحمل إلا امرأة واحدة جاءت بشق رجل، أي طفل ليس لديه يد أو رجل.

يقول الحديث الشريف

حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” قَالَ سُلَيْمَانُ: لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى تِسْعِينَ امْرَأَةً، كُلُّهُنَّ تَأْتِي بِفَارِسٍ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: قُلْ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَمْ يَقُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَطَافَ عَلَيْهِنَّ جَمِيعًا فَلَمْ يَحْمِلْ مِنْهُنَّ إِلَّا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ، جَاءَتْ بِشِقِّ رَجُلٍ، وَايْمُ الَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، لَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فُرْسَانًا أَجْمَعُونَ “

يقول الله عز وجل

وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَىٰ كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ (34) ( سورة ص)

أي أن سليمان عليه السلام لم يقل إن شاء الله فولد له طفلا لم يكن لديه يدين ولا أرجل وتمت ولادته على كرسييه ففطن سليمان لما نسيه واستغفر.

قصة سليمان عليه السلام مع وادي النمل

في القصة العجيبة التي ذكرت في القرءان الكريم حيث تحرك سليمان بجنوده من البشر والجن والطيور، وإذا بنملة فصيحة تحذر جماعتها من الموت، وسمعها سليمان ودعا الله أن يرزقه الشكر وأن يدخله في عباده الصالحين.

وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17) حَتَّىٰ إِذَا أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19) ( سورة النمل)

قصة سليمان عليه السلام مع بلقيس ملكة سبأ

اجتمع سيدنا سليمان بجنوده ولم ير طائر الهدهد فقال إذا لم يأتِ سيتم ذبحه أو تعذيبه أو إذا ما أتى بعذر مقنع سيتم العفو عليه فوقف الهدهد بعيدًا عن سليمان، وقال له أنه جاء من مملكة سبأ بأمر مهم والخطاب لم يكن به خوف ولا ذل، بل قال له أنا أعلم منك في قضية لا تعرفها.

وأوضح الهدهد أن هناك امرأة اسمها بلقيس ملكة سبأ ولها عرش تجلس عليه للحكم ضخم ومرصع بالجواهر واللاليء ويعبدون الشمس، وأضلهم الشيطان وصدهم عن الطريق الصحيح ولا يهتدون، ألا يسجدون لله الذي يخرج ما في الأرض من الأشياء

المخبأة مثل المياه، واختار الهدهد لفظ ( الخبأ ) لأنه من صفات الهدهد أنه يعرف مكان الماء تحت الأرض وكان يدله على الماء تحت الأرض فيحفر الجن الأرض.

يقول الله سبحانه وتعالى:

وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ (21) فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22) إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24) أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25) اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ۩ (26) (سورة النمل)

فتعجب سلميان عليه السلام من قول الهدهد وقال له: ۞ قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (27) (سورة النمل)

فكتب رسالة إلى بلقيس وطلب من الهدهد بأن يقوم بارسال هذه الرسالة إلى بلقيس وبالفعل وصلها وكان فيه أن يخضعوا لحكم سليمان عليه السلام وأن يأتون مسلمين ويؤمنون بالاسلام، فجمعت بلقيس جماعتها وحاشيتها وشاورتهم، حتى لا تحكم إلا بالشورى قالوا لها إننا قوم أقوياء ولا أحد يقف أمامنا والأمر إليكِ وهذا يدل على أنهم ضعاف العقول، وهي التي أعطت الرأي السليم قالت إن الملوك لما يحتلون بلد يفسدوها ويجعلون ملوكها أذلة وكذلك يفعلون.

وقررت أن ترسل هدية إلى الملك سليمان وتنتظر ردة فعل سليمان وما تأتي به الأخبار مع المرسلين بالهدية وبالفعل توجه وفد عظيم من سبأ وقالوا له نحن لا نريد أن نخضع لك ولكن هذه هدية وعلامة صلح بيننا، فلما جاء لسلميان غاضب قال أتعطوني مال فما آتاني الله خيرٌ مما آتاكم من المال والنبوة بل أنتم الذين تفرحون بها، ارجع اليهم فلنأتينهم بجنود لا يستطيع أحد أن يقف أمامه، ولنسيطر على ملكها ويذلون لي إلا إذا استسلموا بدون قتال.

فقال وهي تنتظرها تأتي قال لأعيان الناس والجن من يأتيكم بعرش بلقيس العظيم الموجود في سبأ قبل أن تأتي هي ووفدها، قال عفريت من الجن أنا سأتيك به قبل أن ينتهي المجلس (وكان يجلس من الفجر إلى الظهر)، وأضاف العفريت وإني قوي وأمين لا يمكنني ان اسرقه.

قال أحد علماء بني اسرائيل أتاه الله اسم الله الأعظم، أنا آتيك به قبل أن تنظر لآخر الأرض وترجع، فنظر سليمان عليه السلام إلى آخر الأرض ورجع فوجد العرش لديه، فلما رأى العرش مستقر عنده شكر الله عز وجل، ليختبرني أأشكر أم أكفر.

فقال لهم قوموا بتغيير العرش فغيروا أماكن الجواهر التي فيه، لننظر إذا ما كانت تهتدي أو لا، فلما دخلت وبدأ يتحدث معها أراها العرش، وقال لها أهكذا عرشكِ ؟!

فكان جوابها أعقل وأعلم: كأنّه هو أي تحتمل أنه هو أو ليس هو فجمعت كل هذه الاحتمالات في هذه الكلمتين.

فتعجب سليمان من فصاحتها، وقال ( أوتينا العلم من قبلها وأنا من المسلمين ) وظلت لم تؤمن بالله عليه السلام وظلت على الكفر وصدها ما كانت تعبد من دون الله وكانت من قوم كافرين.

فأراد سليمان أن يريها شيئًا ليس من صنع البشر فأدخلها قصر من الزجاج ناعم للغاية، وكذلك الأرض وجعل تحت الزجاج الناعم العجيب الماء يجري فدخلت بلقيس القصر ورأت بحيرة ماء، فقالت ماء قال لها ادخلي فرفعت ثوبها وتريد أن تخوض بالماء ولكنها فوجئت بأنه زجاج.

فقال سليمان لها أن هذا صرح مصنوع صناعة دقيقة من زجاجة، ولما رأت ذلك عرفت أنه ليس بملك وإنما نبي من عند الله عز وجل، وأسلمت ودخلت في الاسلام، وفي روايات كثيرة أنه تزوجها سليمان عليه السلام.

اذْهَب بِّكِتَابِي هَٰذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ (28) قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29) إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ (30) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31) قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّىٰ تَشْهَدُونِ (32) قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (33) قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً ۖ وَكَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ (34) وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (35) فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (36) ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ (37) قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38) قَالَ عِفْرِيتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ ۖ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39) قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ۚ فَلَمَّا

رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ۖ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40) قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ (41) فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَٰكَذَا عَرْشُكِ ۖ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ ۚ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ (42) وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّهِ ۖ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ (43) قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ ۖ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا ۚ قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ ۗ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (44).

أعطى الله لـ سليمان عليه السلام بجانب النبوة والملك أعطاه القدرة على الحكم بين الناس بالعدل بفطنة وذكاء.

يقول الله تعالى: وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ۚ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ ۚ وَكُنَّا فَاعِلِينَ (79) (سورة الأنبياء)

ففي زمن داوود قبل أن يكون سليمان ملكا وكان عمره في ذلك الوقت 12 عامًا. جاء اثنان من المختصمين واحد عنده مزرعة والثاني أغنام وكانوا جيران وفي الليل كان يغلق السور من يمتلك الأغنام بينه وبين صاحبه حتى الأغنام لا تذهب وتأكل المزرعة، وفي ليلة من الليالي نسى إغلاق السور فخرجت الأغنام وأكلت في الليل بالمزرعة فما الحكم في هذه القضية ؟ – نفشت: أكلت ليلًا.

واعترف الرجل بأنه أهمل، وحكم عليه داوود يأخذ الرجل أغنامك، فلما خرج الرجلان فأخبرا سليمان الحكم، فرجع إلى داوود فقال : أو خير من ذلك يا نبي الله قال ماذا؟

قال تعطي الغنم لصاحب المزرعة، وتعطي المزرعة لصاحب الغنم يزرعها حتى ترجع كما كانت وخلال هذه الفترة يستفيد صاحب المزرعة من الأغنام فإذا رجعت المزرعة كما كانت هذا ترجع إليه المزرعة وهذا ترجع إليه الأغنام.

وجاء في الحديث الصحيح عن البخاري ومسلم عن امرأتين أتيتا إلى الملك سليمان عليه السلام تتحاكمان، فكان كلاهما عندها ولد رضيع فهجم الذئب ابن الكبرى، فلما ذهب منها ابنها هجمت على ابن الصغرى وقالت هذا ابني، فالصغرى تريد ابنها وهذه مصرة أنه لا هذا ابنها، ولا عندهم أي دليل.

فجاءوا إلى داوود عليه السلام في البداية فحكم للكبرى فلم يكن هناك أي دليل، فاستأذن سليمان من أبيه أن يحكم فقال احكم، فقال اعطوني الولد وقال ائتوني بسيف، قال أقصه نصفين بينكما فصرخت الصغرى قالت لا دعه يحيا أعطه اياها قال أنتِ أمه، بعدما بينت الرحمة فورا. فكان من أعقل الناس في القضاء والحكم عليه السلام.

سليمان يجدد المسجد الأقصى

من أعظم ما فعله الملك سيدنا سليمان عليه السلام أنه جدد بناء المسجد الأقصى، فالذي بنا المسجد الأقصى هو يعقوب النبي عليه السلام.

وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي مسجد وضع أولا المسجد الحرام بناه ابراهيم عليه السلام، قال ثم أي قال المسجد الأقصى بناه يعقوب وبينهما 40 سنة.

فلما بختنصر سيطر على القدس دمر المسجد الأقصى، فلما جاء الملك سليمان قام بتجديد المسجد الأقصى، وبنا معه هيكل سليمان عليه السلام، وكان مقدسًا عند اليهود ومازالوا يبحثون عنه اليوم، وبالتأكيد هو قريب من المسجد الأقصى. .

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن سليمان لما بنا المسجد بيت المقدس سأل ربه عز وجل ثلاثا فأعطاه الله اثنتين ونحن نرجو أن تكون لنا الثالثة، سأله حكما يصادف حكمه يعني يقضي بالعدل كحكم الله فأعطاه اياه فسأله ملكًا لا ينبغي لأحد من بعده فأعطاه إياه، وسأله أيما رجل خرج من بيته لا يريد إلا الصلاة في هذا المسجد خرج من خطيئته مثل يوم ولدته أمه.

وفاة سليمان عليه السلام

أراد الله سبحانه وتعالى أن يجعل في موته عظة وعبره ذلك أن الناس في هذا الزمان فتنوا بالجن فأراد الله عز وجل أن يخبرهم أن الجن لا يعلمون الغيب.

وفي يوم سخر سيدنا سليمان عليه السلام الجن تسخيرا شديدا فأخذوا يعملون من بين يديه وكان إذا راقبهم لا يكسلون وكانوا يخافونه خوفا شديدا، وكان يعذبهم في الدنيا قبل عذاب الآخرة.

فوقف يراقبهم وكان عمره في ذلك الوقت 52 عامًا وأخذوا في السخرة يعملون أيامًا وهو ينظر إليهم ولا يرتاحون ثم أنه أخذ عصاته ووضع كفيه على العصاة ووضع رأسه على جكفيه واستند على العصا يشاهدهم وهم يعملون ويخافون منهم.

وبينما هُم على هذا الحال قبض الله تعالى روحه وظلت عيناه مفتوحتان وظل الجن يعملون يظنونه حيًا وجاء خليفته من بعده فعرف أنه مات لكنه أظهر أنه حي وكأنه يهمس في أذنه ويذهب ويرجع كل يوم على هذا الحال.

وظلت الجن في السخرة سنة كاملة ولا يتحرك سليمان والجن في سخرة شديدة ولا يستطيعون معرفة ما حدث لسليمان عليه السلام فقد كان واقف ومفتح العينين وهم يتهامسون فقط.

وفي هذا الوقت أرسل الله سبحانه وتعالى الأردة التي تأكل الخشب فأخذت تأكل في العصا. فلما ضعفت العصا خرّ عليه السلام فتبينت الجن أنه ميت من سنة وتبين الناس أن الجن لا يعرفون الغيب.

يقول الله عز وجل في سورة سبأ: ” فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَىٰ مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ ۖ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ (14)”. – وهذا دليل على أن الجن ضعاف ولا تعرف الغيب وإنما مسخرة بأمر الله عز وجل.

ومرت الأيام على بني اسرائيل وانحرفوا عن دين الله عز وجل وكانوا قد فقدوا التوراة ونسوا الكثير من الآيات. وبعث الله تعالى إليهم نبي الله عزير.