أبو بكر الصديق واحد من أهم الشخصيات الإسلامية، له أوليات، منها أنه أول رجل حر أسلم، وأول الخلفاء الراشدين. ولد بمكة وكان رفيق النبي -صلى الله عليه وسلم- في هجرته إلى المدينة المنورة.
كان عفيفا قبل إسلامه وتقيا بعده، وشهد مع النبي -صلى الله عليه وسلم- كل غزواته. وحارب في خلافته مانعي الزكاة والمرتدين عن الإسلام بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وفي عهده توسعت الدولة الإسلامية شمالا وبدأ جمع القرآن.
المولد والنشأة :
الصحابي الجليل أبو بكر الصديق، اسمه عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي. ويلتقي مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في جده السادس مُرَّة، ويكنى بأبي بكر.وهي من “البكر” (الفتي من الإبل).
ولد أبو بكر -رضي الله عنه- في 27 أكتوبر/تشرين الأول 573 م في مكة المكرمة. بعد مولد النبي -صلى الله عليه وسلم- بعامين وأشهر.
والده يكنى بأبي قحافة وأسلم يوم الفتح، وأمه اسمها سلمى بنت صخر بن عامر بن كعب. وهي ابنة عم أبيه، وتكنى بأم الخير، وقد أسلمت مبكرا.
لُقّب أبو بكر بالصديق، وتعددت الروايات حول سبب ذلك اللقب. فقيل إنه لقب به في الجاهلية لما عرف عنه من الصدق. وقيل إنه لقب به بعد حادثة الإسراء والمعراج لأنه أول من صدق النبي صلى الله عليه وسلم. وقيل إن النبي -صلى الله عليه وسلم- هو من لقبه بالصديق في أكثر من مناسبة.
ولُقّب أيضا بالعتيق، وتختلف الأقوال في سبب ذلك، فقيل إن النبي -صلى الله عليه وسلم- هو من لقبه به. لأنه قال” أنت عتيق الله من النار” فسمي عتيقا، وقيل إنه لقب به لعتاقة وجهه. أي لجماله، وقيل إن أمه كانت لا يحيا لها طفل، فلما ولد أبو بكر -رضي الله عنه- استقبلت به البيت وقالت “اللهم إن هذا عتيق من الموت فهبه لي”. وقيل أيضا إنه لقب به لنقاء نسبه وطهارته مما يعاب به.
كما لُقّب بالصاحب لإجماع العلماء على أنه المقصود بالصاحب في الآية الكريمة. {إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا} سورة التوبة: الآية 40، ولُقّب أيضا بالأتقى. وقيل إنه المقصود بقوله تعالى في الآية {وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى} سورة الليل: الآيتان 17-18، ولقب بالأواه لخشيته ورحمته.
وورد في صفة وجهه على لسان ابنته أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنه رجل أبيض نحيف خفيف العارضين. وكان بارز عروق الوجه وغائر العينين بارز الجبين، ودقيق الساقين ومائل الظهر، وكان يخضب لحيته ويكتم (يُحَنّي الشيب).
وكان منشؤه -رضي الله عنه- بمكة لا يخرج منها إلا للتجارة، وكان غنيا في قومه ومحبوبا بينهم لصدقه ومروءته وإحسانه. كما كان معتبرا ومن رؤسائهم وأهل مشاورتهم، وكان من مهامه تولي الديات والمغارم.
تزوج أبو بكر -رضي الله عنه- 4 نسوة، وأنجبن له 3 ذكور و3 إناث. وزوجاته هن قتيلة بنت عبد العزى والدة عبد الله وأسماء رضي الله عنهما، وكان قد طلقها في الجاهلية، واختُلِف في إسلامها.
وتزوج أم رومان بنت عامر، وكانت مسلمة مهاجرة، وهي أم عائشة وعبد الرحمن رضي الله عنهم جميعا. كما تزوج أسماء بنت عميس إحدى المهاجرات الأوائل وأرملة جعفر بن أبي طالب رضي الله عنهما، وأنجبت له محمدا.
وتزوج حبيبة بنت خارجة، وهي أنصارية من الخزرج، وأنجبت له أم كلثوم بعد وفاته، وكان قد أقام عندها بديار أهلها في المدينة.
إسلامه ودعوته
كان الصديق -رضي الله عنه- عفيفا قبل إسلامه، فكان تاجرا لم يشرب الخمر قط ولم يسجد لصنم. وهو أول رجل حر أسلم وصدق النبي صلى الله عليه وسلم.
وكان ممن رأى دلائل النبوة حتى قبل دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، وسمع آثاره. فلما فاتحه عليه الصلاة والسلام بالدعوة أسلم من حينه، ولم يكلمه النبي -صلى الله عليه وسلم- قط بشيء إلا قبله فورا.
وفرح النبي -صلى الله عليه وسلم- بإسلام أبي بكر فرحا شديدا. وكان الصديق -رضي الله عنه- سمح الخلق، وأحبه قومه لسماحته وفضله، وأقروا بأنه أعلمهم بأنسابهم وتاريخهم، فلما أسلم حمل الدعوة مع النبي صلى الله عليه وسلم.
وأسلم على يد أبي بكر -رضي الله عنه- صفوة من الصحابة رضوان الله عليهم. ومن أبرزهم الخليفة الراشد عثمان بن عفان والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله وسعد بن أبي وقاص وأبو عبيدة بن الجراح. وكانوا رضوان الله عليهم من الدعامات التي قام عليها صرح الدعوة إلى الإسلام.
وكانت لأبي بكر الصديق -رضي الله عنه- أوليات سبق بها بقية الصحابة. فكان أول من أسلم وأول من جمع القرآن وأول من سماه مصحفا وأول خطيب دعا إلى الله ورسوله. كما كان أول خليفة تفرض له رعيته العطاء، وأول خليفة يتخذ بيت مال للمسلمين.
حبه للنبي صلى الله عليه وسلم
لم يسلم أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- من أذى قريش للمسلمين رغم أنه كان من ساداتهم وأشرافهم. فقد ألقي التراب على رأسه، وضرب بالنعال في المسجد الحرام حتى حمل إلى بيته في رداء. ولم يمكث فيه طويلا حتى ألح على أمه في لقاء النبي صلى الله عليه وسلم. فذهب إليه وهو يتكئ عليها وعلى أم جميل (أخت عمر بن الخطاب رضي الله عنه). فلما رآه رق له رقة شديدة وأكب عليه فقبّله.
وكان رضي الله عنه ممن أعلن إسلامه أمام كفار قريش . حتى ظنوا أنهم قاتلوه لجرأته في إعلانه حبه للنبي -صلى الله عليه وسلم- ودفاعه عن دعوته. فكان من أكثر الصحابة عرضة للأذى جراء مرافقته الدائمة للنبي والتصاقه به ودفاعه عنه وافتدائه ودعوته بنفسه وماله.
وقال العلماء إنه “صحب النبي -صلى الله عليه وسلم- منذ أسلم حتى توفي”.فكان رفيق هجرته ورفيق غزواته ورفيقه في الحضر والسفر. ففي الهجرة ترك الصديق -رضي الله عنه- أهله وعياله رغبة في مصاحبة النبي صلى الله عليه وسلم.
وصحب أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الغار لما سارا مهاجرين وآنسه فيه ووقاه بنفسه. وقد كان أبو بكر يستأذنه في الخروج فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا تعجل، لعل الله يجعل لك صاحبا”.
ولما قدم إليه النبي -صلى الله عليه وسلم- في ساعة لم يكن يأتيه فيها قال “فداء له أبي وأمي. والله ما جاء به في هذه الساعة إلا أمر”، فأخبره النبي -صلى الله عليه وسلم- بإذن الخروج.فسأله الصديق -رضي الله عنه- صحبته، فوافق النبي عليه الصلاة والسلام.
وكان في هجرتهما أشد خوفا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من خوفه على نفسه. وقال له النبي “أنت أخي وصاحبي في الغار”، وكان لأبناء أبي بكر دور مهم في رحلة الهجرة. فكان ابنه عبد الله يأتيهما بأخبار قريش، وكانت أسماء تجهز لهما الطعام.
وكان أبو بكر -رضي الله عنه- منفقا على رسول الله صلى الله عليه وسلم. حتى قال عنه “ما نفعني مال قط ما نفعني مال أبي بكر”، وكان مشفقا عليه وناصرا له.
مكانته وفضله
حظي أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- بمكانة خاصة في الإسلام وعند النبي صلى الله عليه وسلم، وقد وردت آيات وأحاديث في فضله.
وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل وفاته “كان لي فيكم إخوة وأصدقاء. وإني أبرأ إلى الله أن أكون اتخذت منكم خليلا، ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا. وإن ربي اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا”.
وكان أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- سباقا لكل خير، فقد كان من أشجع الناس في حماية النبي ودفاعه عنه. وكان منفقا مناصرا لضعاف المسلمين المعذبين في مكة، وكان عتّاقا للرقاب. فاشترى بلال بن رباح -رضي الله عنه- وأعتقه، وانتهج هذه السياسة لإعتاق العبيد والإماء ممن أسلموا. فأعتق 7 كلهم ممن عُذّبوا في الله.
وفي حادثة بين الصديق وعمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- أبى عمر أن يغفر لأبي بكر، فتوجه الأخير للنبي صلى الله عليه وسلم. فقال له عليه السلام “يغفر الله لك يا أبا بكر”. ولما علم عمر ندم وذهب إلى أبي بكر فلم يجده، فذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فتمعر وجهه. فجثا أبو بكر على ركبتيه وقال للنبي صلى الله عليه وسلم “يا رسول الله، والله أنا كنت أظلم”. فقال النبي عليه السلام “إن الله بعثني إليكم، فقلتم: كذبت، وقال أبو بكر: صدق، وواساني بنفسه وماله. فهل أنتم تاركو لي صاحبي؟”، فما أوذي بعدها.
وقال ابن كثير “كان الصديق -رضي الله عنه- أقرأ الصحابة، أي أعلمهم بالقرآن. لأنه صلى الله عليه وسلم قدمه إماما للصلاة بالصحابة رضي الله عنهم، مع قوله “يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله”.
ومن دلائل سعة علمه أن عمر -رضي الله عنه- سأل النبي يوم صلح الحديبية “علامَ نرضى الدنية في ديننا؟” فأجابه. ثم ذهب إلى أبي بكر فأجابه بمثل ما أجابه به النبي صلى الله عليه وسلم.
وكان الصديق -رضي الله عنه- معبّرا للرؤيا، وقال محمد بن سيرين إنه “المقدم في هذا العلم بالاتفاق”. كما كان من أفصح الناس وأخطبهم، وقال له عمر رضي الله عنه “يا خير الناس بعد رسول الله”.
وفي موضع آخر صعد عمر -رضي الله عنه- إلى المنبر وقال “ألا إن أعظم هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر. فمن قال غير هذا فهو مفترٍ، عليه ما على المفتري”.
وأخرج أبو داود عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “أما إنك يا أبا بكر أول من يدخل الجنة من أمتي”.
مجاهد ومبشَّر بالجنة
لم يتخلف أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- عن أي غزوة من غزوات النبي صلى الله عليه وسلم، فشارك معه في غزوة بدر الكبرى.وكان يستطلع الجيش معه، وتولى حراسته عليه الصلاة والسلام في عريشه.
وفي غزوة أحد تفرق المسلمون من حول النبي -صلى الله عليه وسلم- في أرجاء ميدان المعركة. فشق أبو بكر -رضي الله عنه- الصفوف حتى وصل إليه.
وشارك أبو بكر -رضي الله عنه- في غزوة بني النضير وبني المصطلق وبني قريظة ضد يهود المدينة. وكان مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في غزوة الخندق.
ولما خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- في العام السادس للهجرة إلى الحديبية خرج أبو بكر معه، وقال عن صلحها في ما بعد “ما كان فتح أعظم في الإسلام من فتح الحديبية”.
وفي غزوة خيبر كان أول قائد أرسله الرسول -صلى الله عليه وسلم- أبا بكر الصديق رضي الله عنه. وهو الذي أشار على النبي -صلى الله عليه وسلم- بعدم قطع نخيل خيبر، لما في ذلك من خسارة للمسلمين، سواء فتحت خيبر عنوة أو صلحا.
وكان مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في سريتي نجد وبني فزارة.وكان أميرا على السريتين، ورافق النبي -صلى الله عليه وسلم- في عمرة القضاء ثم في سرية ذات السلاسل.
وفي السنة الثامنة للهجرة كان الصديق -رضي الله عنه- حاضرا في فتح مكة. ولما طلب منه أبو سفيان أن يجدد العقد بينهم ويزيد المدة قال “جواري في جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله لو وجدت الذر تقاتلكم لأعنتها عليكم”.
وشهد يوم حنين وحصار الطائف، وفي الطائف رُمِي ابنه عبد الله بسهم قتله بعد ذلك في المدينة. ولما قدم أهل ثقيف من الطائف مسلمين إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- كان الصديق أول من بشر بقدومهم.
ولما عرف صاحب السهم الذي قتل ابنه بعد ذلك وكان قد أسلم قال له “إن هذا السهم الذي قتل عبد الله بن أبي بكر. فالحمد لله الذي أكرمه بيدك، ولم يهنك بيده، فإنه أوسع لكما”.
وفي غزوة تبوك يوم خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- بجيش عظيم جعل اللواء الأعظم لأبي بكر الصديق رضي الله عنه. وفي هذه الغزوة تصدق عمر بنصف ماله مسابقا أبا بكر، لكنه اكتشف أن الصديق تصدق بماله كله. فلما سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- أبا بكر عما أبقى لعياله أجابه “الله ورسوله”، فقال عمر “لا أسابقك إلى شيء أبدا”.
وفي الحج سنة 9 هجرية بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- أبا بكر أميرا على الحجاج. وكانت هذه الحجة توطئة لحجة الوداع التي رافق فيها أبو بكر النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد بُشّر الصديق -رضي الله عنه- بالجنة على لسان النبي صلى الله عليه وسلم. فذات يوم استأذن للدخول على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لأبي موسى الأشعري “ائذن له وبشره بالجنة”.
توليه الخلافة ومنجزاته فيها
بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة وناقشوا أمر اختيار خليفة لرسول الله. وقدموا لذلك زعيم الخزرج سعد بن عبادة.
وكان أبو بكر -رضي الله عنه- آنذاك في اجتماع مع المهاجرين أيضا. فلما بلغهم نبأ اجتماع الأنصار ذهبوا إليهم. وخطب أبو بكر في الأنصار وأثنى عليهم وعلى نصرتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وقدم أبو بكر عمر وأبا عبيدة -رضي الله عنهما- للخلافة.
ورفض عمر ذلك، ثم بايع سعد بن عبادة والأنصار من بعده أبا بكر. واختاره المسلمون خليفة لهم وبايعوه في اليوم التالي بيعة عامة بعد بيعة سقيفة بني ساعدة الخاصة. وبذلك كان أول الخلفاء الراشدين، وبدأت خلافته في العام الـ11 للهجرة.
وقالت حفصة بنت عمر -رضي الله عنهما- لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوما. “إذا أنت مرضت قدمت أبا بكر” فقال صلى الله عليه وسلم “لست أنا أقدمه ولكن الله يقدمه”.
وأبرز حوادث خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه أربعة:
أولا: تنفيذ جيش أسامة بن زيد
قبل وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- أعد جيشا بقيادة أسامة بن زيد لقتال الروم. لكن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرض أثناء ذلك، فعسكر الجيش بالجرف شمال المدينة.
ولما تولى أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- الخلافة اقترح عليه بعض الصحابة أن يبقي الجيش. لكنه أصر على استمرار الحملة العسكرية المتجهة إلى الشام. وهزم المسلمون الروم في تلك المعركة.
ثانيا: قتال أهل الردة ومانعي الزكاة
عندما انتشر نبأ وفاته النبي -صلى الله عليه وسلم- ارتدت طوائف من العرب عن الإسلام. ومنعوا الزكاة فأشار عمر -رضي الله عنه- على أبي بكر -رضي الله عنه- أن يتركهم، لكنه رفض.
فقال عمر رضي الله عنه “كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله. فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله)”.
وكان رد الصديق رضي الله عنه “والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة. فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عقالا كان يؤدونه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لقاتلتهم على منعه”. فقال عمر رضي الله عنه “فوالله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال، فعرفت أنه الحق”.
وبعث أبو بكر -رضي لله عنه- جيوشا إلى عدة مناطق لقتال المرتدين. منهم جيش عكرمة إلى عُمان، وجيش العلاء بن الحضرمي إلى البحرين.
ثالثا: قتال مسيلمة الكذاب
بعث مسيلمة الكذاب إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- في مرضه كتابا يزعم فيه أنه شريكه في النبوة. وكان يسجع محاولا الإتيان بما يشبه القرآن المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم.
وكان مسيلمة أشهر من ارتد بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- وادعى النبوة. فبعث أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- جيشا لقتاله في اليمامة بقيادة خالد بن الوليد رضي الله عنه، فحاصرهم المسلمون أياما ثم قتل مسيلمة.
رابعا: التوسع وجمع القرآن
استقرت أوضاع الدولة الإسلامية بعد قتال أهل الردة وهزيمتهم. فبعث الصديق -رضي الله عنه- جيوشا للتوسع شمالا، واستطاع خالد بن الوليد -رضي الله عنه- أن يحقق انتصارات كبيرة في الشام بمعركتي اليرموك وأجنادين.
بعد أن استشهد الكثير من الصحابة في قتال مسيلمة في اليمامة خشي عمر أن يذهب القرآن باستشهاد القراء. وأشار على أبي بكر -رضي الله عنه- بجمعه. فقال الصديق رضي الله عنه “كيف أفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟”.
فراجعه عمر في ذلك حتى وافق. وأمر زيد بن ثابت -رضي الله عنه- بتتبع القرآن وجمعه، وكان زيد -رضي الله عنه- كاتب وحي النبي صلى الله عليه وسلم.
مرض ووفات أبو بكر الصديق :
قالت عائشة بنت الصديق -رضي الله عنهما-. إن “أول بدء مرض أبي بكر أنه اغتسل يوم الاثنين لسبع خَلَونَ من جمادى الآخرة. وكان يوما باردا، فَحُمَّ 15 يوما لا يخرج إلى الصلاة”.
ووصى أبو بكر وهو في فراش مرضه بالخلافة لعمر بن الخطاب رضي الله عنهما. وتوفي في مرضه الذي ذكرته عائشة -رضي الله عنها- في أغسطس/آب 634 م، ودفن إلى جوار النبي صلى الله عليه وسلم.