ما هي مهارات تقبل الذات وكيف تطورها ؟

مهارات تقبل الذات أو الـ Self Acceptance Skills باللغة الإنجليزية، هي كما يعبّر عنها الاسم تمامًا: المقدرة على قبول النفس بشكل تام. بمعنى آخر، أن تحتضن نفسك كما أنت، دون أيّ شروط أو استثناءات.

ولتعريف أكاديمي أكثر دقة، يمكننا تعريف هذا المصطلح كالآتي:

“تقبل الذات، هو قبول الفرد لجميع سماته وصفاته الشخصية، إيجابية كانت أو سلبية.”

هذا التعريف يؤكّد على ضرورة القبول التام لجميع جوانب الشخصية. إذ لا يكفي أن تحب ما هو جيّد فيك أو إيجابي في شخصيتك. بل عليك أن تحبّ أيضًا جميع الصفات والسمات الأقلّ روعة، وتتقبل الجوانب البشعة والمظلمة من نفسك.

لا شكّ أنّك تفكّر الآن بأن تقبل الجوانب السلبية ليس أمرًا سهلاً. وهذا صحيح تمامًا، فليس من السهولة بمكان أن تحبّ تلك الصفات أو الجوانب التي ترغب بشدّة في تغييرها.

لكن ما لا تعلمه هو أنّ الخطوة الأولى لتغيير هذه الجوانب يتمثّل في تقبلها. ولعلّ هذا هو السبب الذي يحول بينك وبين التخلّص من الصفات السلبية في شخصيّتك…أنّك ببساطة لا تتقبّلها!.

مهارات تقبل الذات تقبل الذات غير المشروط

الخطوة الأولى للبدء بتغيير نفسك للأفضل، لا تتمثّل في قبول الذات، وإنّما في قبول الذات غير المشروط.  من السهل بالطبع أن أن تتقبل نفسك عندما تكون في أفضل حالاتك (ناجح في دراستك أو عملك، حاصل على جائزة أو فائز في مسابقة…الخ). لكن أن تتقبل نفسك في حالات الفشل، وفي المواقف الصعبة التي تشعر فيها أنّك مليء بالأخطاء والسلبيات هو ما يحقق لك تقبل الذات غير المشروط.

وهنا يمكننا تعريف هذا المصطلح: “تقبل الذات غير المشروط” كالتالي:

هو إدراك حقيقة أنّك منفصل عن أفعالك وسماتك. فتتقبل أمر ارتكابك للأخطاء، وحقيقة أنّك تمتلك نقاط ضعف وجوانب سيئة. لكّنك مع ذلك لا تسمح لهذه السمات أو الصفات أنّ تحدّد ماهيتك.

حينما تتدرّب على ممارسة تقبل الذات غير المشروط، حينها فقط يمكنك أن تبدأ بحبّ نفسك، واحتضان ذاتك الأصيلة، ومن ثمّ البدء بالعمل على إصلاح جوانب الضعف أو السمات السلبية.

ما هو الفرق بين تقبل الذات وتقدير الذات؟

على الرغم من تشابه المصطلحين تقبل الذات (Self-acceptance) وتقدير الذات (Self-esteem) . لكنّهما مع ذلك يختلفان عن بعضهما البعض.

صحيح أن “تقدير الذات” يتعلّق هو الآخر بعلاقتك مع نفسك، لكنه يختلف عن تقبل الذات في جانب مهّم. فهو، أي تقدير الذات، يتعلّق بما تشعر به تجاه نفسك. وإن كنت تحسّ بأنّك جيّد بما فيه الكفاية أو ذو قيمة حقيقية أو تستحقّ الحصول على الأمور الجيدة من حولك.

أمّا تقبل الذات، فهو ببساطة أن تعترف وتتقبل نفسك كما أنت بجميع جوانبك.

وهنا يمكننا القول أنّ كلا المصطلحين مرتبطين ببعضهما البعض ارتباطًا وثيقًا. فتقبل الذات بشكل صحيح . يعدّ القاعدة الأساسية لبناء تقدير عالٍ للذات. فكّر في الأمر: حينما تتقبل نفسك كما أنت سيصبح من الأسهل عليك أن تشعر بقيمتك الحقيقية الإيجابية، لأنك تدرك حينها بأنّ صفاتك السلبية لا تحدّد شخصيتك الكاملة ولا تعبّر عنك مئة بالمئة، وإنما هي جزء من تركيبتك كإنسان بشري.

تمرين مهارات تقبل الذات:

إن كنت تشعر بأنّك لا تتقبل ذاتك جيّدًا، أو أنّ تقديرك لذاتك متدنٍ، فهذا التمرين سيساعدك للتغلّب على هذه المشكلة. حيث أنّه يتحدّى عقلك وإيمانك بأنّك غير نافع على الإطلاق، أو أنّك بلا قيمة.

أيًّا كانت الظروف الصعبة أو المعيقات التي تواجهك الآن وتجبرك على الإحساس على هذا النحو، فالتمرين التالي سيسهم بشكل كبير في تجاوز هذه المشاعر السلبية.

اتبّع الخطوات التالية لعمل التمرين:

الخطوة الأولى :

  • قم برسم الدائرة الموضحة أدناه على ورقة، أو يمكنك طباعة هذه الصورة واستعمالها.
  • الآن قم بملأ النصف العلوي من الدائرة، بكتابة الأشياء التي تحسنُ القيام بها في عملك أو دراستك، وذلك في الخانات التي تتضمّن إشارة (+).
  • كذلك قم بكتابة الأشياء أو الأمور التي لا تحسن القيام بها في وظيفتك أو جامعتك، وذلك في الخانات التي تتضمن إشارة (-).
  • بالمثل، قم بملأ النصف السفلي من الدائرة من خلال كتابة الأشياء الإيجابية التي تحبّها في شخصيتك في الخانات التي تتضمّن إشارة (+).
  • اكتب الأشياء السلبية التي لا تحبّها في شخصيتك والتي تتمنّى تغييرها في الخانات التي تتضمّن إشارة (-).

الخطوة الثانية :

بعد أن قمت بملأ الدائرة، ألقِ نظرة فاحصة عليها، وحتى تقاوم الحاجة إلى إحباط نفسك أو التقليل. من شأنها، اطرح على نفسك السؤالين التاليين:

  • هل يمحو هذا الموقف السيّء الذي تعرّضتُ له (الخطأ، الفشل، الرفض، الانتقاد…الخ) جميع صفاتي الإيجابية الأخرى؟.
  • هل من المنطقي الاستنتاج بأني “شخص سيء تمامًا، والأمل مني مفقود” فقط لأن تصرّفًا واحدًا أو بضعة تصرّفات سلبية قد بدرت مني؟.

الخطوة الثالثة :

ردّد مع نفسك التوكيدات التالية التي تساعدك على رفع تقبلك لذاتك:

  • أنا لستُ شخصًا سيئًا حينما أتصرّف بشكل سيء. أنا شخصٌ تصرّف بطريقة سيئة وحسب.
  • أنا لستُ شخصًا جيّدًا حينما أتصرّف بطريقة جيّدة. أنا شخص تصرّف بطريقة جيدة وحسب.
  • أستطيع تقبل نفسي حتى وإن خسرتُ أو استسلمت.
  • أفضّل ألاّ أعرف نفسي كليّا بناءً على سلوكي، أو بناءً على آراء الآخرين أو أيّ شيء آخر.
  • أستطيع أن أكون على طبيعتي دون الحاجة لأن أثبت نفسي.
  • أنا لستُ أحمقًا لأنني تصرّفت بطريقة حمقاء، لو لم أفعل ذلك لما وسعني التعلّم من أخطائي.
  • لديّ الكثير من النواقص، ويمكنني العمل على إصلاحها دون الحاجة لتأنيب نفسي أو إدانتها أو شتم ذاتي لأني أمتلكها.
  • إصلاح الذات: نعم! إدانتها: كلاّ!
  • لا يمكنني إثبات ما إذا كان إنسان ذو قيمة عالية أو متدنية، فالأفضل إذن ألاّ أحاول تحقيق المستحيل.
  • تقبل نفسي كإنسان بشري أسهل وأفضل بكثير من محاولة إثبات أنّي إنسان خارق أو تقييم نفسي على أنّي لا أستحقّ أن أكون إنسانًا.
  • أستطيع تحديد نقاط ضعفي ونواقصي وفشلي دون إطلاق الأحكام على نفسي أو تعريف نفسي على أساسها.
  • أنا لستُ غبيًا لأني أتصرّف بغباء. على العكس من ذلك، أنا شخص “غير غبي” يقوم أحيانًا ببعض التصرّفات الغبية.
  • أستطيع شجب وإدانة تصرّفاتي دون الحاجة لشجب نفسي وإدانتها.
  • أستطيع مدح تصرّفاتي دون الحاجة لمدح نفسي.
  • أستطيع الإعتراف بأخطائي وتحمّل مسؤوليتها دون الحاجة إلى لوم نفسي والتقليل منها لأني ارتكبتها.

من السخف أن أحكم على نفسي بشكل إيجابي أو سلبي اعتمادًا على مدى قدرتي على إثارة إعجاب الآخرين، وكسب موافقتهم وقبولهم ورضاهم.

  • أنا لستُ جاهلاً فقط لأنني تصرّفت عن جهل.
  • لا يجب عليّ أن أجعل تقبلي لذاتي تحت رحمة الظروف المحيطة بي.
  • أنا لستُ لعبة بيد الآخرين وآرائهم. أستطيع تقبل نفسي بعيدًا عمّا يعتقده الآخرون بشأني.
  • قد أحتاج أحيانًا للاعتماد على الآخرين من أجل القيام ببعض الأمور، لكن ليس عليّ أن أعتمد على أيّ أحد عاطفيًا كي أتمكّن من قبول نفسي. الاعتماد العملي مقبول، لكنّ الاعتماد العاطفي مرفوض تمامًا!.
  • سيكون من الأفضل لو نجحت، لكنّ نجاحي لن يجعل منّي شخصًا أفضل!.
  • سيكون من غير المحبّب أن أفشل، لكن الفشل لن يجعل مني شخصًا أسوأ!.

حينما تقوم بملء الدائرة بالأمور الإيجابية والسلبية حول نفسك، وحينما تفكّر في إجابات للأسئلة المطروحة في الخطوة الثانية، ومع تكرار التوكيدات في الخطوة الثالثة. ستبدأ تدريجيًا بملاحظة أمر مهم: وهو أنّك منفصل عن أفعالك وتصرّفاتك، وهي لا تحدّد من أنت أو من تكون. كما أنّك بلا شكّ تمتلك مزيجًا من الأمور السلبية والإيجابية معًا. وهو ما سيساعدك على تحسين نظرتك لنفسك، وبالتالي تقبل ذاتك بشكل أفضل.

نصائح عملية لتقبل الذات :

فيما يلي 8 نصائح عملية ستساعدك على تقبل جميع جوانب ذاتك الإيجابية والسلبية . بصدر رحب، وبالتالي الانتقال نحو مرحلة إصلاح نقاط الضعف وتقويّة جوانب القوّة.

1- كن لطيفا مع نفسك :

حان الوقت لتتقبل حقيقة أنّه ما من أحد يطلق عليك الأحكام أكثر منك نفسك. يمكنك أنّ تكون عدوّ نفسك الأعظم، لكن عليك أيضًا أن تبدأ بمحاولة التغلّب على هذا العدوّ.
كن صبورًا مع نفسك، صبورًا على أخطائك، وتعامل معها كما تتعامل مع الطفل الصغير الذي يرتكب الأخطاء، وتحاول أنت تصويبه.

2- واجه مخاوفك :

جميعنا نملك تاريخًا مظلمًا يشتمل على أحداث سيئة. جميعنا نحملُ معنا ثقلاً من الماضي. إننّا بشرٌ، ومن المقدّر أن نتأذّى لسبب أو لآخر. لكن ما يُبقينا مقيّدين عاجزين، هو الخوف من المجهول.

إنّنا نعيش في خوف دائم من تجربة شيء جديد غير مألوف، ما يجعلنا عالقين في منطقة الراحة التي نعرفها.

لذا، من المهمّ البدء باتخاذ خطوات – وإن كانت صغيرة جدًا – في سبيل التغيير. ابدأ بوضع قائمة بالأشياء التي تخيفك… حاول البدء بأمر صغير جدًا، ثم قم بمواجهته. ابحث عن الأسباب التي تجعله غير مخيف كما تعتقد، ثمّ واجهه.

حينما تتغلّب على خوفك من هذا الأمر، انتقل إلى الأمر الذي يليه وهكذا ستجد أنّك ومع مرور الوقت قد أصبحت أكثر قدرة على مواجهة مخاوفك أيًّا كانت، لأنك برمجتَ عقلك على استراتيجية واضحة للتعامل معها.

3- كن إيجابيًا :

أحِط نفسك بكلّ ما هو جيّد وإيجابي، اخلق لنفسك بيئة مشرقة سعيدة:

  • اكتب لنفسك ملاحظات لطيفة.
  • علّق في غرفتك لوحات تتضمّن توكيدات إيجابية.
  • حمّل تطبيقًا على هاتفك يذكّرك بمقولات ملهمة في كلّ وقت.
  • جرّب القيام بهواياتك المفضّلة في كلّ مرّة تشعر فيها بالإحباط أو الخوف من المستقبل.
  • واجه ذلك الصوت الداخلي السلبي، واتخذ قرارك بألاّ تكون أسيرًا لأفكارك السلبية!.

4- تقبل النقص :

تخلّ عن السعي الدائم للكمال. فالكمال لله وحده. الحياة كاملة بكلّ النواقص التي فيها. لذا لا تسمح لهوسك بالكمال والمثالية أن يقف في طريق تحقيق أحلامك أو يبطئ وصولك إليها.

أحيانًا “الجيّد” جيّد بما فيه الكفاية!.

5- لا تأخذ الأمور بشكل شخصي :

إن شعرت بالإهانة من شيء ما (تصرّف، قول…الخ)، توقّف واسأل نفسك عن السبب وراء ذلك. ابذل جهدًا واعيًا وحقيقيًا للتوقّف عن الافتراض بأنك تعرف تمامًا ما يقصده كلّ شخص من حولك.

لا تظهر ردّة فعل عدائية للآخرين بناءً على استنتاجاتك الداخلية الخاصّة. ففي معظم الأحوال، لا يكون المقصد من أيّ كلام أو تصرّفات أحدهم إيذاءك البتّة.

قد يكون الأمر برمتّه مجرّد سوء تواصل وتفاهم. وإن شعرت بأنك لم تفهم المغزى الحقيقي وراء تصرّف أو كلام ما، كلّ ما عليك فعله هو أن تسأل.

أليس ذلك أسهل من كلّ تلك الدراما التي تنسجها في عقلك؟!.

6- سامح :

لا يمكنك أن تنمو دون مسامحة. لكن، اعلم أن المسامحة عملية طويلة لا تتحقّق بسهولة. وتحتاج إلى الوقت. سامح الآخرين على التصرّفات التي قاموا بها دون قصد. أو الأفعال التي لم يعلموا أنّها كانت مؤذية لك. سامح نفسك على الأخطاء التي ارتكبتها في الماضي، وسامحها أيضًا إن لم تستطع التغيّر بالسرعة الكافية التي تريدها.

7- آمن بنفسك :

أنت قادر على تحقيق أمور رائعة. آمن بقدرتك على القيام بأيّ شيء، لأنك تستطيع ذلك حقًا.

أنت كائن قوي، ويسعُك التعامل مع أيّ صعوبات تعترض طريقك. تذكّر! وجودك هنا الآن يعني أنّك قد تغلّبت بالفعل على أسوأ التجارب التي مرّرت بها في حياتك.

8- لا تستسلم مهما كان الثمن :

تشبه الحياة في كثير من جوانبها لعبة الحاسوب…إنها مليئة بالمراحل التي تزداد صعوبة شيئًا فشيئًا. لكن ما يختلف فيها، أنّه لا يمكنك الخروج من لعبة الحياة بإرادتك….بمعنى آخر لا يمكنك الاستسلام حتى لو أردت ذلك.

قد تواجهك مواقف صعبة، وقد تنعدم لديك الرغبة في الاستمرار، لكن شيئًا فشيئًا، ومع مرور الوقت ستجد نفسك تدريجيًا تنهض من جديد وتواصل طريقك برغم كلّ شيء.

وفّر على نفسك الألم والجهد، وخذ قرارك بألا تستلم مهما حصل. بدلاً من التحسّر على كلّ أمر سيء يحصل معك، اسأل نفسك دومًا:.

“ما هو الدرس الذي يمكنني أن أتعلمه ممّا يحصل معي الآن؟”.

بمجرّد أن تعرف الحكمة، وتتقبل هذا الدرس، ستختفي الصعاب وكأنها لم تكن!.

إذن، وبعد قراءة هذا المقال، هل وجدت في نفسك شخصًا متقبّلاً لذاتك؟ أم أنك بحاجة للبدء بالعمل من أجل تقبل جميع جوانب شخصيتك؟ شاركنا إجاباتك، واقتراحاتك لتعزيز مهارات تقبّل الذات من خلال التعليقات. أو قم بالتسجيل في موقعنا والاطلاع على مختلف المقالات المتنوعة حول تطوير الذات وتعزيز المهارات الشخصية والوظيفية.