سيدنا محمد ما هو إلا رسول قد خلت من قبله الرسل، ونبي ختم الله به الأنبياء. وإنسان شرَّف الله به الإنسانية، وبشر أكرم الله به البشرية.. لو تمثل العدل في كيان لتمثل في كيانه، ولو صور الطهر في روح لكانت روحه. ولو رسمت الفضيلة في ذات لكانت ذاته

هو بشر، بأبي هو وأمي، يأكل الطعام ويمشي في الأسواق، لكن نور النبوة بين جنبيه. وسراج الرسالة يجري بين يديه، وتاج العصمة على رأسه، كلامه صدق، وفعله حق. ومنهجه قويم، وصراطه مستقيم، وخلقه عظيم، وجنابه كريم. يدور الحق معه حيثما دار، وتسير البركة معه حيثما سار، يسبقه القبول إذا توجه. وتنزل معه الرحمة إذا نزل، ويقيم معه الجود إذا أقام، ويرتحل معه البشر إذا ارتحل، هو اليسر كله. فدينه يسر، وكتابه يسر، وسنته يسر. وأمره ونهيه يسر. لأنه ميسر لليسرى، تقرأ سير العظماء فإذا قرأت سيرته صاروا صغارا. وتطالع أخبار المصلحين والمجددين فإذا طالعت أخباره تحولوا إلى تلاميذ. تعجب بالعباقرة والرواد فإذا عشت مع سنته رأيتهم طلابا صغارا في مدرسته. أثنى عليه الأعداء قبل الأصدقاء، ومدحه البعيد قبل القريب.

اللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد صلي الله علية وسلم

تسابق في طاعته أبو بكر القرشي وبلال الحبشي وسلمان الفارسي وصهيب الرومي، تذكر اسمه عند الأتراك فتفيض عيونهم بالدمع. تورد أحاديثه عند الأكراد فتجيش أرواحهم بالشوق، تقص ملحمته على الفرس فتسافر أرواحهم حبا إليه. له في كل مكان أتباع، وفي كل بلد أنصار، وفي كل قطر محبون. يدوي اسمه في الأذان وفي المنائر، ويذكر على المنابر.

ويدرس في الدفاتر، يصيح المؤذن في مكة والمدينة والقاهرة وصنعاء ودمشق وبغداد والحمراء والسند وجاكرتا وباريس وواشنطن.. يصيح بقوة: “أشهد أن محمدا رسول الله”كل يوم خمس مرات. يُذكر إذا ذكر الله، عز وجل، يتلو كتاب الله، يدعو إلى الله، يعبد الله. يجاهد في سبيل الله، ينصر شريعة الله، يعيش لله، ويذهب إلى الله، فهو من الله، وإلى الله، وبالله. وعلى الله، وفي الله. يدعو بسيرته أكثر من كلامه، وبخلقه أكثر من خطبه، وبلينه ورفقه أكثر من شدته وبطشه. فتح الدنيا لأمته بكنوزها ودورها وقصورها. ثم ذهب إلى ربه ودرعه مرهونة في ثلاثين صاعا من شعير عند يهودي. لم يترك دارا ولا قصرا ولا بستانا ولا مالا..

اللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد صلي الله علية وسلم

أسر قلوب الناس برحمته، وألَّف بين قلوبهم بلطفه، وآخى بينهم بحكمته، ورفع الجهل عنهم بعلمه. ووضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم بيسره، بُعث بالحنيفية السمحة، وبالدين الخالص. وبالسنة المطهرة، وبالفطرة الصحيحة، وبالملة الوسط ، أتى بدين ودولة، وقلم وسيف. ومحراب ومنبر، أتى لصلاح الروح والبدن، والدنيا والآخرة، والرجل والمرأة

كل صحابي من صحابته يروي حبه على طريقته، وكل من عاشره يصف شعوره بفيض دموعه، وكل من لقيه شهد بعظمته. سواء وافقه أو خالفه.. لم تحفظ له زلة، ولم تنقل عنه كذبة، ولم تعرف له عثرة، ولم تسجل له غلطة، عصم الله قلبه. وزكَّى فؤاده، وطهر روحه، وحفظ سمعه وبصره، ومدح نهجه، وأثنى على خلقه. وأشاد بإمامته، فهو سبحانه الذي اصطفاه للعالمين رسولا، وللأميين معلما، وللناس قدوة، وللجميع أسوة. كلما طالعت أخباره بإيمان وحب آثرته بالمحبة والتقدير والإعزاز على أمك وأبيك. الملايين يودون رؤيته ولو خسروا الأهل والمال، الألوف المؤلفة يفدونه بأرواحهم. عاش بين أصحابه فأخرج منهم الخليفة الراشد، والإمام العادل، والعالم الرباني، والمفسر الحبر. والمفتي الجهبذ والخطيب المصقع، والقائد المقدام، والزاهد الورع. كل صحابي أخذ من عظمته جانبا واحدا فصاروا عظماء التاريخ ونجوم الدهر كما قال البوصيري:
فكلهم من رسول الله ملتمس غرفا من البحر أو رشفا من الديم.

اللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد صلي الله علية وسلم

سوف تطالع قبله وبعده غير الأنبياء والرسل أخبار فاتحين وقادة وملوك وأجواد وفلاسفة وحكماء وعلماء وعباقرة. لكنك إذا طالعت سيرته فسوف تنساهم جميعا..
جلس صلى الله عليه وسلم مع الملوك والموالي، والأغنياء والفقراء، والرجل والمرأة، والعربي والعجمي. والعدو والصديق، فقاموا وقد أسرهم وطوَّق أعناقهم بكرمه وتواضعه وبِشره وإقباله..
جلس صلى الله عليه وسلم مع الملوك والموالي، والأغنياء والفقراء، والرجل والمرأة، والعربي والعجمي، والعدو والصديق. فقاموا وقد أسرهم وطوَّق أعناقهم بكرمه وتواضعه وبِشره وإقباله..عاش حياته، صلى الله عليه وسلم. فرعى الغنم ثم قاد الأمم، عاش الفقر والغنى، والصحة والمرض، والنصر والهزيمة، والسلم والحرب . والحضر والسفر، فكان في جميعها عبدا لله وحده، مخبتا طائعا، منيبا صادقا. منصفا عادلا، وصدق الله إذ يقول: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ). وتبارك القائل: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ).

بعدما رفع الله نبي الله عيسى بن مريم إلى السماء ونجاه من القوم الكافرين ظلت الأرض ما يقارب 6 قرون بلا نبي أو رسول فانتظر الكفر بالله فأذن الله أن يرحم البشرية بخاتم النبيين والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم.

ولادة النبي محمد صلى الله عليه وسلم

ولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم في عام الفيل. ولما ولد هدمت شرفات ايوان كسرى وانطفأت نار المجوس ورجمت الشياطين في السماء بمولد محمد صلى الله عليه وسلم.

ولد يتيمًا فأواه جده عبد المطلب وفرح به ثم لما توفى آواه عمه أبو طالب. وأمه وهو صغير توفيت فأرضعته حليمة السعدية ولما جاءها محمد صلى الله عليه وسلم كان خيرا لها، وبارك الله في غنمها وأموالها وشياهها.

كان وهو صبي يلعب عند حليمة جاءه جبريل عليه السلام ففزع الأولاد وهربوا وبدأ يشق صدره ثم أخرج قلبه وغسله وأخرج حظ الشيطان منه، ثم أرجع قلبه والتأم صدره مرة أخرى.

حفظه الرب عز وجل منذ صغره فلم يسجد لصنم قط ولم يشرب خمر ولم يأتِ فاحشة. ورعى الغنم حاله كحال الأنبياء.

أول زوجة يتزوجها رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم

تزوج النبي محمد عليه السلاة والسلام من السيدة خديجة بنت خويلد فكانت نعم الزوجة والرفيقة والصاحبة بل لما خرج في تجارة رآه أحد الرهبان واسمها بحيرة قال مَن يرعى هذا الشاب؟ قال إنه عمه أبو طالب فقال الراهب بحيرة: هذا سيكون له شأن كبير وسيكون نبي هذه الأمة.

رد ما أدراك؟!

قال ما جلس أحد في هذا المكان إلا وكان نبي ورأيته يجلس فيه. ثم إن الغمام يظلله حيث شاء ثم رأيت في كتفه خاتم النبوة إنه محمد سيد الأولين والآخرين خير من وطأت قدمه الثرى على هذه الأرض.

أحبه أهل مكة حتى سموه صديقا أمينا فهو الصادق الأمين الذي أحبه كل أهل مكة بلا استثناء وترعرع في مكة المكرمة.

النبي محمد قبل البعثة يختلي بنفسه في الغار

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يختلي بنفسه في مكان يسمى غار حراء ويتعبد الله عز وجل فيه ويجلس الأيام والليالي وربما قضى شهرا كاملا في غار حراء لوحده في ظلام الليل وحر النهار وخديجة بنت خويلد تأتيه بالطعام والشراب وكان يجلس ويتعبد الله، ولا ندري.

نزول جبريل على محمد في غار حراء

لكن بينه وبين ربه ربما دعاء أو ذكر أو تسبيح ويجلس في الأيام والليالي وفي ليلة ظلماء كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم في هذا الغار وفجأة جاءه شيء من وراءه فضمه ولم يستطع التحرك فقال له هذا الشيء: اقرأ، قال أنا : ما أنا بقاريء، قال : اقرأ، قال : ما أنا بقاريء، قال اقرأ: قال ما أنا بقاريء.

قال له اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الانسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم، علم الانسان ما لم يعلم.

إنها بداية البعثة وأول قطرة من قطرات الوحي. فخرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى زوجته خديجة بنت خويلد ويقول لها زملوني زملوني دثروني دثروني.

وبدأ النبي يبلغ الناس وذهبت به خديجة بنت خويلد إلى ورقة ابن نوفل فأخبره ما جاء أحد بمثل ما جئت به إلا عودي.

النبي يبلغ الناس بأنه مرسل من الله

بعد بعثته عليه الصلاة والسلام قام على جبل الصفا يبلغ الناس الدين فقال أيها الناس إني نذيرٌ لكم بين يدي عذابٌ شديد.

وأول من رد عليه عمه أبو لهب قال له تبًا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا؟!

وعذب أتباع النبي محمد صلى الله عليه وسلم فبلال ابن رباح يعذب على الرمضاء ويوضع الصخر على رأسه ويقول أحد أحد.

عمار ابن ياسر تذبح أمه أمامه ويذبح أبوه والنبي يمر عليهم وهم يتعذبون يقول لهم صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة.

خباب ابن الأرت يوضع على الجمر حتى يشوى ظهره ويذكرهم بالأمم السابقة يقول لهم كان يؤت بأحدهم في حفرة ويوضع المنشار على رأسه ويفرق نصفين ما يرده ذلك عن دينه شيئًا.

الكفار يعذبون ويقتلون أتباع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم

يطوف النبي صلى الله عليه وسلم بالبيت فيخنق حتى كاد يقتل فما كان يدفعه عنه إلا صاحبه أبو بكر الصديق.

يوم من الأيام كان يسجد في الكعبة فيوضع على راسه سلى الجزور قذارة ناقة بعدما أن ولدت حملوها ورموها على ظهره.

ومرت 13 سنة من الضرب والتعذيب والقتل حتى التجويع لمن يتبعون محمد عليه الصلاة والسلام. وحاصر الكفار محمد وأتباعه 3 سنوات حتى أن البعض كان يأكل ورق البشر وصبر النبي وذهب إلى الطائف يبلغهم بالدين فتبعوه بالحجارة جاءه الملك يقول دعني أطبق عليهم الأخشبين فرد عليه قائلا لا أرجو أن يخرج الله من أًصلابهم من يعبد الله لا يشرك به شيئًا.

الهجرة إلى المدينة المنورة والمشركون يطاردون سيدنا محمد

لما اشتد البلاء بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه فأذن الله لهم بالهجرة إلى المدينة المنورة وصاحب أبو بكر النبي صلى الله عليه وسلم وفي ليلة الهجرة نام الإمام علي بن أبي طالب في فراش النبي، وخرج

النبي إلى غار ثور مع أبي بكر وقبل أن يدخل الغار دخل أبو بكر فوجد فيه جحرين غطى أحدهما بثوبه والآخر برجله ونام النبي على رجل أبي بكر ولسعت دابة رجل أبي بكر الصديق ولم يتحرك فدمعت عيناه فسقط جزء منها على خد النبي صلى الله عليه وسلم فاستيقظ قال له مالك يا أبا بكر. قال لا شيء لسعني شيء برجلي، قال أرني رجلك يا أبا بكر فدعا لها ونفث عليها فبرأت.

وظل النبي مع أبي بكر في الغار ليلة كاملة وفي الصباح كان المشركون يبحثون عن النبي صلى الله عليه وسلم فوصلوا إلى باب الغار فوقفوا عند باب الغار فبكى أبو بكر قال ما يبكيك يا أبي بكر. قال لو نظر أحدهم تحت قدمه لرآنا يا رسول الله قال ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟!

وظل النبي ورسول الله أيام في هذا الغار، حتى أذن الله له بالذهاب للمدينة المنورة. وتبعهم سراقة وكان مشركا قبل اسلامه فوصل للنبي وابي بكر فنظر خلفه. قال ابو بكر انه سراقة يا رسول الله فقال لا عليك ما ظنك باثنين الله ثالثهما.

وفعلا ساخت قوائم فرس سراقة ولم يستطع القيام.

فرجع النبي إليه يقول يا سراقة هل لك أن ترجع وتعمي علينا ؟

قال وما لي يا محمد؟

قال لك سوار كسرى!!

وفعلا عم عليهم ووصل النبي صلى الله عليه وسلم مع صاحبه أبي بكر الصديق ووصلا إلى المدينة المنورة واستقبلهم الناس أحسن استقبال.

دولة الاسلام بدءا من المدينة المنورة

عاش النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة بعد الهجرة وكان فيها يهود سالمهم وعاهدهم لكنهم غدروا وأرادوا قتله، وقتل من قتل وأجلى من أجل منهم وأسس الدولة الاسلامية وأقام الجهاد في سبيل الله وانتصر في أول معركة له مع المشركين في بدر.

فتح مكة المكرمة والجهاد في سبيل الله

وفي أحد أصيب واستشهد بعض أصحابه وتجمع المشركون والأحزاب حوله في الخندق فنصره الله وأيده وفتح الله عليه في الحديبية فتحا مبينًا وفي السنة الثامنة رجع إلى مكة المكرمة فاتحًا، إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا.

وظل حياته يجاهد في سبيل الله ويقاتل أعداء الله عز وجل، ونشر الدعوة في كل مكان وأرسل الرسل وبعث الناس بالكتب ووجه هذه الأمة إلى دينها وعلمهم أخلاقهم وكان يقاتل في حنين وهو عمره أكثر من ستين سنة.

وكان يقول أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب.

قاتل في سبيل الله ولم يخش أحد في الله، كان يعلم أصحابه الجهاد والقتال.

ومكث في المدينة عشر سنين من جهاد لآخر حتى وعد أصحابه بفتح بيت المقدس وبفتح مشارق الأرض ومغاربها وأسس أمة إسلامية ودولة إلى اليوم بقيت آثارها وبقيت دعوته وبلغ الرسالة وأدى الأمانة وقاتل في سبيل الله وجاهد في الله حق جهاده حتى لقى ربه عز وجل.

نبينا كان على كبر سنه يجلس مع الوفود حتى من غير المسلمين من أديان شتى يعلمهم شؤون دينهم، وأموره.

كان النبي أعبد الناس لربه وكان يكثر من الصيام والليل كان لله عز وجل وكل ليلة كان يقوم الليل بل كان أحيانا يتجاوز نصف الليل وأكثره.

وفاة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم

حج الرسول عليه الصلاة والسلام في السنة العاشرة وسميت الحجة بحجة الوداع فقد كان يقول لأصحابه خذوا عني مناسككم فلعلي لا أراكم بعد عامي هذا.

ولما رجع من الحج وفي بداية السنة 11 للهجرة أحس النبي صلى الله عليه وسلم بمرض وازداد به المرض واشتد به الصداع واستأذن أزواجه أن يبيت في بيت عائشة رضى الله عنها فبات عندها ليال طوال واشتد المرض به وكان يقوم يحمل إلى الصلاة.

وفي ليلة من الليالي جاءه بلال ابن رباح يؤذنه بالصلاة فسأله النبي صلى الله عليه وسلم أصلى الناس قال لا يا رسول الله إنهم ينتظرونك. ثم قال النبي وقد أعلته الحرارة والحمى قال أريقوا علي ماء فصبوا عليه ماء وإذا به يحس بشيء من نشاط فيقوم فلما قام اشتد المرض به فسقط على الأرض وأغمى عليه ثم حمل إلى الفراش ثم قام فقال أصلى الناس فقالوا لا يا رسول الله إنهم ينتظرونك فقال أريقوا علي ماء فصبوا عليه ماء ثم قام ليذهب إلى المسجد فلم يستطع فسقط ثم عاد مرة أخرى إلى الفراش فظل هكذا حتى قال لـ بلال مر أبا بكر فليصل بالناس.

اللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد صلي الله علية وسلم

فجاء بلال يأمر أبا بكر أن يصلي بالناس ولأول مرة يصلي رجلٌ آخر بالصحابة والرسول موجود.

فحزنت المدينة واشتد الهم لا يأتي النبي ليصلي الصلوات هكذا، ظل ثلاث ليال بالفراش لا يستطيع أن يصلي بالناس حتى أحس بالنشاط في يوم من الأيام فقام صلى الله عليه وسلم وخطب بالناس وصلى بهم ثم قال إن الله عز وجل خيّر عبدًا بين هذه الدنيا وزهرتها وبين ما عنده فاختار العبد ما عند الله عز وجل، ولم يخبرهم أنه هو فإذا بأبي بكر يبكي بين الناس لأنه علم أنه نعيٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثم الصلاة التي بعدها لم يستطع الخروج إليهم فانتشر الحزن بين الناس وعلاهم الغم والهم.

في اليوم الأخير نادى أهل بيته فاطمة رضى الله عليهم وآل بيتهم يوصيهم ويذكرهم. فبكت فاطمة وقالت واكرب ابتاه واكرب ابتاه فقال لا كرب على أبيكِ بعد اليوم.

ولما جاء الضحى كان لوحده مع السيدة عائشة رضى الله عنها ووضعه بين سحرها. ونحرها ثم قال بل الرفيق الأعلى بل الرفيق الأعلى.

اللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد صلي الله علية وسلم

ثم توفى صلى الله عليه وسلم وانتشر الخبر بالمدينة والناس بين مصدق ومكذب . أما عمر ابن الخطاب رضى الله عنه فقال من قال أنه مات لأضربنه بالسيف. ثم جاء أبو بكر ودخل عليه وكشف الغطاء عنه ورآه ميتًا فقبله بين عينيه ثم خرج إلى الناس وقال لهم . أما بعد من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حيٌ لا يموت. ثم قرأ : ” وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفئن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم. ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئًا وسيجزي الله الشاكرين”.

ومات النبي صلى الله عليه وسلم ودفن بعد يومين وإذا بفاطمة تقول للذين دفنوه كيف طاوعتكم قلوبكم أن تحثوا التراب على رسول الله. يقول أنس ابن مالك لما قدم المدينة أنار كل شيء ولما مات أظلم في المدينة كل شيء.

وهكذا طويت آخر صفحة من صفحات قصص الأنبياء عليه الصلاة والسلام خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم. توفى حاله كحال جميع البشر…