ريادة الأعمال

ازداد التوجه في السنوات القليلة الأخيرة إلى ريادة الأعمال والاستثمار خاصّة بين الشباب الذين أصبحوا يرون في الريادة وسيلة للتغلب على البطالة ومواجهة مشكلة تدني الرواتب وحلاّ لتحقيق الحرية المالية.إن كنت ترغب في دخول عالم الاستثمار و ريادة الأعمال فعليك أولا أن تثقّف نفسك حول هذا المجال. نضع بين يديك مقالات مفصّلة لأهم جوانب الريادة وتأسيس المشاريع الخاصة وطرق الربح من الإنترنت وغيرها الكثير.

ما هي أهم مميزات وعيوب ريادة الأعمال؟

هل شعرت يومًا بتلك الجاذبيّة الرائعة تجاه امتلاكك لعملك الخاص وتخيّلت نفسك كرائد أعمال طموح يسعى لتكوين إمبراطوريّته التجاريّة؟ من المؤكّد أنّك قد فعلت، فبدء عملك الخاص هو بلا شك أمرٌ مثير للغاية، ويمنحك شعورًا مرضيًا ومختلفًا عن أي شيء ربما قمت به في حياتك.

وعلى عكس التجارب الأُخرى، ليس هناك بداية أو نهاية واضحة لهذه التجربة، ولا يوجد مسار مُحدّد، بل عليك أن تصنع لنفسك مسارًا أثناء تقدمك وهو الأمر الذي يجلب الكثير من المُفاجآت والتحديّات على طول الطريق.  فإذا كان أوّل ما يبادر إلى ذهنك عند سماع كلمة رائد أعمال هي قصّة نجاح إيلون ماسك وبيل جيتس، فمن واجبنا أن نخبرك أنّ ليست كل قصص ريادة الأعمال تنتهي بالنجاح، وليست الصورة دومًا بهذه المثاليّة.

مميزات ريادة الأعمال

1- جدول زمني مرن

واحدة من أفضل الأشياء وأكبر المزايا لكونك رائد أعمال هو أنّه يُمكنك العمل من المنزل أو العمل من المكتب على حدٍ سواء. حيث يتمتّع رواد الأعمال بالحرية الكاملة في اختيار بيئة عملهم التي تُناسب أسلوب عملهم وتفضيلاتهم. وعلى عكس الوظائف التقليديّة التي تبدأ من الساعة التاسعة وتنتهي في الخامسة. يتمتّع رواد الأعمال بالاستقلاليّة في تحديد ساعات العمل الخاصة بهم وتنظيم يومهم وفقًا لاحتياجاتهم وتفضيلاتهم. 

ويتمتّع رواد الأعمال بميزة تحقيق التوازن بين حياتهم المهنيّة والشخصيّة بشكل أكثر فعاليّة من المُوظّفين. حيث يُمكنهم تخصيص الوقت للعائلة والهوايات أو السفر دون الحاجة لأخذ إجازة رسميّة من العمل أو إذن من المدير.

بالإضافة إلى ذلك، قد يكون بعض الأفراد أكثر إنتاجيّة خلال أوقات مُحدّدة من اليوم. فهناك من يُفضلِّون العمل في الصباح بينما يعمل آخرون بشكلٍ أكثر كفاءة في المساء. وهنا تظهر ميزة ريادة الأعمال التي تسمح للأفراد بتخصيص ساعات عملهم لتتوافق مع ذروة إنتاجيتهم. مما يؤدي إلى عمل أكثر كفاءة وفعالية. 

فإذا كنت تريد أن تبقى مستيقظًا لوقت متأخر، فابق مستيقظًا، وإذا كنت تريد الاستيقاظ مبكرًا، فاستيقظ مبكرًا. لا يُمكن مُطلقًا التغلُّب على المرونة التي تتمتّع بها عند امتلاك عملك الخاص! ويظل هذا أحد أفضل المزايا لكونك رائد أعمال، ومن الصعب الحصول على هذا القدر من المرونة في أي وظيفة أخرى!

2- التعلّم المُستمر

كرائد أعمال، لا يقتصر الأمر على مجال عملك فحسب. بل يجب أن تتعلّم كل ما يتعلّق بالمُحاسبة والتسويق والخطابة وتصميم مواقع الويب وتحسين محركات البحث وكيفية التفويض وكيفية تحمُّل المخاطر وكيف تكون أكثر إبداعًا وتُفكّر في حل المُشكلات بطرق أخرى وكل ما هو مطلوب لإدارة عملك. والأهم من ذلك هو أنّك ستتعلّم كيف تفشل، وكيف تقف على قدميك مرة أخرى على أي حال.

يحتاج رواد الأعمال باستمرار إلى التكيُّف مع اتجاهات السوق المُتغيرة والتقدُّم التكنولوجي الهائل. وهو الأمر الذي يُتيح لهم التعلُّم المُستمر لمواكبة هذه التغييرات وتعديل استراتيجيّاتهم وفقًا لذلك. أضف إلى ذلك أنّه غالبًا ما يتضمّن التعلُّم المستمر التفاعل مع الآخرين وحضور ورش العمل والندوات والفعاليات الصناعيّة. وهذا يخلق فرصًا قيمة للتواصل، مما يسمح لرواد الأعمال بالتواصل مع الأفراد ذوي التفكير المماثل واكتساب عقليّة مُماثلة.

ومع قيام رواد الأعمال بتوسيع معارفهم، فإنَّهم يُطورون أيضًا مجموعة مُتنوِّعة من المهارات مثل مهارات القيادة والتواصل والخبرة الماليّة والتسويقيّة. ولذلك، يُمكن القول أنّ ريادة الأعمال هي رحلة للنمو الشخصي والمهني، حيث لا يُعزِّز التعلُّم الفطنة التجارية فحسب. بل يساهم أيضًا في تحسين الذات والمرونة والقدرة على التغلُّب على التحديات التي تأتي مع إدارة الأعمال التجاريّة.

3- الابتكار

هل أنت شخص يشعر بالملل بسهولة من أي شيء ويبحث دائمًا عن شيء جديد يُحرّك عقلك؟ إذا كانت الإجابة بنعم، فقد تُفكِّر في أن تصبح رائد أعمال. في عالم الأعمال سريع التطوُّر اليوم، يُعد الحفاظ على عقليّة إبداعيّة أمرًا بالغ الأهميّة للبقاء في الصدارة، حيث يُمكن لرواد الأعمال الذين يتبنون الابتكار أن يكتسبوا ميزة تنافسية من خلال تقديم ميزات أو تقنيات أو نماذج أعمال جديدة ربما لم يتبنّاها المنافسون.

تُتيح لك ريادة الأعمال الابتكار في جميع جوانب العمل بدءًا من إدارة الموارد البشرية وحتى المُنتج أو الخدمة التي تبيعها. علاوةً على ذلك، يُعد التمييز بين المُنتجات أمرًا مهمًا في الأسواق التنافسيّة، ويعتبر الابتكار أمرًا ضروريًا للغاية لتحقيق ذلك.

وتسمح لك ريادة الأعمال كذلك بتجربة جميع الأفكار حتى التي قد تبدو خياليّة بعض الشيء وتُجبرك على تنشيط جميع خلايا مُخّك للانفتاح على جميع الأفكار والتفكير خارج الصندوق. ونظرًا لأنّ ريادة الأعمال تقوم على مواجهة التحديات وحل المشكلات، فإنّ التفكير الابتكاري والإبداعي هو أمر لا غنى عنه للتعامُل مع المشكلات بطريقة إبداعية، وإيجاد حلول فعالة قد لا تكون واضحة إلا من خلال الابتكار والإبداع.

4- الأرباح الكبيرة

عند اقتحام مجال ريادة الأعمال، فإنّك لا تعود مضطرًا للعمل من أجل جعل شخص آخر غنيًا، بل إنّ كل دقيقة تقضيها في العمل تذهب إلى ثروتك الخاصّة مُباشرةً. وبغض النظر عن مقدار المال الذي يُمكنك توفيره من وظيفتك، فإنّه لا يمكن أن يكون كافيًا أبدًا لتحمُّل تكاليف حياة الرفاهية التي يُمكن أن تعيشها كرائد أعمال ناجح.

كرائد أعمال، خذ في الاعتبار أنّه من المُهم جدًا أن تختار عملك بحكمة، حيث تُعتبر الأعمال التجاريّة ذات الهوامش الربحيّة أقل من 50% بمثابة إضاعة لوقتك، وتعكس هذه الهوامش المنخفضة المنافسة العالية في هذا المجال. وعلى النقيض، يُمكن للسوق الجديدة غير المُستكشفة أن توفر هوامش ربح كبيرة واستثمار أوَّلي مُنخفض مما يجعلها مثاليّة لأي عمل تجاري. 

5- الإثارة والإشباع الذاتي

لا شكّ أنّه من المُثير أن تبني شيئًا من الألف إلى الياء خاصّةً عندما تحب ما تفعله. إنّه شعور رائع أن تصنع شيئًا من لا شيء. علاوةً على ذلك، فدورة الصعود والهبوط لا تنتهي أبدًا، وهذه إحدى المزايا لكونك رائد أعمال. ستكون حياتك دائمًا مليئة بالتحديّات، وهو الأمر الذي سيضمن لك حياةً بعيدة كل البعد عن الروتين والملل. 

فالإثارة التي تأتي مع ريادة الأعمال تُساهم في الاستمتاع برحلتك في الحياة. حتى في الأوقات الصعبة، من المُرجَّح أن ينظر رواد الأعمال الذين يجدون المتعة في عملهم إلى العقبات على أنها فرص للنمو بدلاً من اعتبارها عقبات لا يُمكن التغلُّب عليها.

عيوب ريادة الأعمال

1- المسؤوليّة المُستمرة

صحيحٌ أنّ رائد الأعمال ليس مُلزم بالبقاء من التاسعة إلى الخامسة في مكتبه للعمل وأنّ بإمكانه العمل من أي مكان وفي أي وقت. ولكن هذا في الحقيقة لأنّه يعمل في كل مكان وفي جميع الأوقات! في الواقع، هناك من يقولون أنّ رواد الأعمال تخلصوا من العمل من التاسعة إلى الخامسة ليعملوا من التاسعة حتى النوم. 

بالطبع الأمر ليس كذلك دومًا، ولكن ضع في الاعتبار أنّك كرائد أعمال ستكون دائمًا تحت الطلب وتفعل دائمًا شيئًا ما لإدارة عملك أو شركتك.  ومع ذلك، إذا كُنتَ تُحب ما تفعله، فلا يبدو الأمر سيئًا للغاية! ولكنّه لا يزال هذا أحد الأجزاء المرهقة في ريادة الأعمال التي قد لا يراها الآخرون بسهولة.

2- التوتُّر والإجهاد

يُمكن أن تؤدي مشاريع ريادة الأعمال إلى نوع جديد من التوتُّر بعيدًا عن التوتُّر الوظيفي. بدلًا من المُوظّف المسؤول عن أداء مهام مُحدّدة، فأنت مسؤول عن كل شيء وعن جميع القرارات. إذا فشلت أو نجحت، فإنّ المُوظّفين ينظرون إليك أنت وينتظرون القرار منك. 

وعلى الرغم من أنّ إحساس القيادة يُعد أمرًا جيدًا ويبحث عنه الكثيرون. إلّا أنّه يأتي مصاحبًا لكم هائل من التوتّر والضغط العصبي نتيجة للحاجة المُستمرة لاتّخاذ القرارات. فالموظّف لن يحتاج إلى القلق بشأن المهام المطلوبة بعد الانتهاء من ساعات العمل. أما رائد الأعمال فقد يقضي وقتًا طويلًا في التفكير بشأن قرار  مُعيّن عند تناول الطعام في المنزل أو حتى على السرير أثناء الاستعداد للنوم!

أضف إلى ذلك أنّه يُمكن أن يزداد التوتُّر إذا لم تحقق دخلاً ثابتًا من عملك نتيجة لتقلّبات السوق أو إذا لم يكن لديك تأمين صحي أو إذا كنت لا تشعر أن عملك الخاص آمن وأنّك غير مُعرّض للإفلاس في مرحلةٍ ما.

3- صعوبة التوازن بين العمل والحياة

عند العمل كرائد أعمال، يصبُح التوازن بين العمل والحياة أمرًا صعبًا. فليس من السهل رسم خط فاصل بين العمل والحياة الشخصيّة عندما تكون مهامك بلا انتهاء ويجب عليك العمل في أي وقت. عندما لا يكون مكتبك على بُعد بضعة أميال من بيتك، بل هو غرفة نومك. وغرفة معيشتك، ومكتبك المنزلي، يكون من الصعب تحقيق هذا التوازن.

وغالبًا ما يكون رُوّاد الأعمال مُتحمِّسين للغاية ومُلتزمين بمشاريعهم. حيث يُمكن أن يؤدي هذا الشغف إلى التركيز بشكل مكثف على العمل. مما يجعل من الصعب الابتعاد عنه وإعطاء الأولويّة للحياة الشخصيّة أضف إلى ذلك أنّه في المراحل الأولى من العمَل. قد يرتدي رُوّاد الأعمال قُبعات متعددة ويتعاملون مع مسؤوليات مختلفة نتيجة لعدم وجود ميزانيّة كافية لتوظيف أشخاص في كل القطاعات. يُمكن أن يؤدِّي هذا العدد القليل من المُوظّفين إلى تحمُّل رواد الأعمال لأعباء عمل كبيرة. مما لا يترك سوى القليل من الوقت للمساعي الشخصية.

إنّ الضغط من أجل النجاح – سواءً كان مفروضًا ذاتيًا أو مدفوعًا بعوامل خارجيّة – يخلق بلا شك سعيًا مُستمرًا لتحقيق أهداف العمل. ولذلك قد يجد رواد الأعمال صعوبة في التراجع وإعطاء الأولوية للرفاهية الشخصيّة.

4- المخاطر الماليّة

السوق هو القوة المهيمنة في عالم الأعمال التجاريّة وريادة الاعمال. بغض النظر عن مدى تكامُل منظومتك الإداريّة أو مدى جودة المُوظَّفين، فإنّ السوق هو الذي يقرر مصيرك.

كرائد أعمال، يجب أن تُفكّر دائمًا في السوق كسفينة وأنت وباقي رُوّاد الأعمال رُكّاب على متنها. بغض النظر عن مدى مُحاولتهم إنقاذ سفينة غارقة بها ثقب. فإنّها ستكون في النهاية مليئة بالمياه وتأخذ معها الأشخاص الذين كانوا على متنها.

وهذا هو أحد العيوب الرئيسيّة لريادة الأعمال، حيث لا يُمكنك أبدًا مُواجهة ضربات السوق. وقد تتعرّض لتعثّر مالي يؤدي إلى إفلاسك أو اضطرارك للاقتراض حتى تُعيد توازن نفسك مرةً أخرى. أضف إلى ذلك كم الضغط العصبي الذي سيُلاحقك باستمرار نتيجةً لهذا الاضطراب المالي.

لذلك، من المُهم كرائد أعمال أن تختار مجالك بحكمة. وأن تضع دومًا خطة بديلة تكون بمثابة قارب نجاة في حالة انقلب عليك السوق وأدى إلى تعرضك للخسارة.

5- نجاح العمل غير مُؤكّد

يجب الأخذ في الاعتبار أنّ بدء عمل تجاري جديد ينطوي على العديد من المخاطر. فتجربة ريادة الأعمال ليست دومًا تجربة ناجحة. في الواقع، تفشل 90% على الأقل من الشركات الناشئة. ولا يتمكَّن سوى عدد قليل منها من تحقيق الأرباح والبقاء في المُنافسة. لذلك، يُعد أحد أهم أسباب عدم اليقين التي يُواجهها رُوّاد الأعمال هو عدم معرفة ما إذا كانت أعمالهم ستنجح أم لا.

لهذا، احرص على أن يكون لديك مصادر أخرى للدخل بعيدًا عن شركتك أو مشروعك. على سبيل المثال، إذا كُنت مُوظّفًا فلا تترك وظيفتك من أجل اقتحام عالم ريادة الأعمال. ومن الأفضل أن تبقى في وظيفتك حتى تتأكّد تمامًا من نجاح عملك ووصوله للبر الآمن!.