تعريف الإدارة الإستراتيجية

أهمية الإدارة الاستراتيجية Strategic Management هي مجموعة التصرفات والقرارات التى تعمل على إيجاد استراتيجيات فعالة لتحقيق أهداف المنظمة، ورغم أن هذا التعريف يميل أكثر إلى العمومية والتوصيف لطبيعة العمل الاستراتيجي الإداري، فإن هناك من عرّف إدارة الاستراتيجية من منطلق الأدوار والمراحل الضرورية لإتمامها، ومن هؤلاء (Fred R David) فريد داوود الذي عرفها بقوله: “فن وعلم صياغة، وتطبيق، وتقويم التصرفات والأعمال التي من شأنها أن تمكن المنظمة من وضع أهدافها موضع التنفيذ”.

تطور الإدارة الاستراتيجية

لقد انتقل مفهوم الاستراتيجية إلى مجال الأعمال في بداية الستينيات. حيث توضح إسهامات الكتاب في مجال الإدارة الاستراتيجية أن الفكر الإداري في هذا المجال قد تطور من خلال عدة مراحل يمكن إيجازها وفق التالي:

المرحلة الأولى: التوجه بالتخطيط طويل الأجل

امتدت هذه المرحلة منذ عقد الستينيات من القرن العشرين . وكان التركيز فيها على القرارات ذات التأثير الواسع في حياة المنظمة. فتمثلت الجهود الاستراتيجية بالعمل على تحقيق النمو الداخلي أو إنتاج استراتيجية لتنويع المنتجات. أو استراتيجية لتخفيض حجم العمليات وتقليصها، أو الانتشار من خلال خفض الأسعار. ومن ثم كانت استجابة المنظمات لمتغيرات المواقف التي تواجهها بما يمكنها من إجراء عمليات التحليل وتخصيص الموارد؛ وقد أطلق على هذه المرحلة اسم المرحلة الخافتة نظرا لعدم وضوح معالم الإدارة الاستراتيجية وأبعادها الجوهرية.

المرحلة الثانية : التوجه الاستراتيجي المحدود

ركزت هذه المرحلة على الانطلاق من التخطيط طويل المدى إلى التخطيط الاستراتيجي. وظهور ما يسمى باستراتيجية الإدارة، وما يلزمها من خطوات تتطلب وضع الغايات والأهداف والقيام بعمليات التحليل الاستراتيجي والتنبؤ. والاختيار الاستراتيجي لانتهاز الفرص وتجنب المخاطر. والتطبيق الاستراتيجي مع الرقابة على تلك الخطوات وتقويمها. وتعد هذه المرحلة حلقة وسط بين المرحلة الأولى والمرحلة الثالثة، وشملت هذه المرحلة فترتي الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين. ويمكننا القول إن هذه المرحلة هي الفترة المنيرة لدراسة الإدارة الاستراتيجية وممارستها، إذ بدأت تتفتح الرؤية لماهية الاستراتيجية. وتحددت خطواتها الرئيسية وبدائلها الممكنة التطبيق، ومزايا بنائها على المدى البعيد.

المرحلة الثالثة: التوجه البيئي (مرحلة تنفيذ الاستراتيجية)

وهي المرحلة التي نستطيع أن نطلق عليها اسم تنفيذ الاستراتيجية. أي ما يتطلب قيام المنظمة بتحديد الأهداف السنوية ووضع السياسات وتحفيز العاملين وتخصيص الموارد. أي أن تنفيذ الاستراتيجية يعني تعبئة العاملين والمديرين وتوجيههم لوضع الاستراتيجيات المقررة موضع التنفيذ. وتعد هذه المرحلة نتيجة تعقيدها من أصعب المراحل التي مرت بها الإدارة الاستراتيجية. وقد أطلق الباحثون في مجال الإدارة الاستراتيجية على هذه المرحلة اسم الفترة الزاهية لدراسة الإدارة الاستراتيجية. وقاموا بتقسيمها إلى المراحل الفرعية التالية:

  1. مرحلة الستينيات (مرحلة الاستقرار).
  2. مرحلة السبعينيات (مرحلة التوجه المالي).
  3. مرحلة الثمانينيات (مرحلة التوجه التنافسي).
  4. مرحلة التسعينيات (مرحلة التغيير الموسع) .

المرحلة الرابعة : التوجه الاستراتيجي المتكامل

وهي المرحلة الأعقد، حيث تمثل المرحلة المعاصرة الموجهة لمقابلة تحديات القرن الحادي والعشرين، ومن أهم أبعادها الأساسية ما يلي:

  1. إن الاستراتيجية تمثل ذلك التصور العام الذي يجب أن تكون عليه المنظمة. وتسعى لتحقيقه من خلال وضوح رؤيتها المستقبلية، وتحديد رسالتها التنظيمية. وبنائها لغاياتها وأهدافها بوعي وإدراك لعناصر التأثير المتعددة.
  2. يركز الاتجاه المعاصر على معوقات مبدأ الاستراتيجية دون الدخول تفصيلاً في بيان خطوات الاستراتيجية الإدارية باعتبار أن الإيمان بالمبدأ كفيل بتذليل أي معوقات .
  3. إن الاستراتيجية الإدارية وسيلة تحقيق تماسك التنظيم داخلياً وتحديد وجهته خارجياً مع تدعيم علاقته بتغيرات البيئة المختلفة.
  4. تزداد أهمية التحليل والتنبؤ الاستراتيجي للوقوف على عناصر القوة والضعف، وإيجاد الفرص والمخاطر بما يمكن من سد الفجوة الاستراتيجية.
  5. تؤثر نوعية المنظمة، وأنشطتها الحالية والمتوقعة في عمليات التخطيط الاستراتيجي.

أهداف الإدارة الاستراتيجية

  1. تهيئة المنظمة داخليا بإجراء التعديلات في الهيكل التنظيمي والإجراءات والقواعد والأنظمة والقوى العاملة بالشكل الذي يزيد من قدرتها على التعامل مع البيئة الخارجية بكفاءة وفعالية.
  2. تحديد الأولويات والأهمية النسبية بحيث يتم وضع الأهداف طويلة الأجل والأهداف السنوية والسياسات وإجراء عمليات تخصيص الموارد بالاسترشاد بهذه الأولويات.
  3. إيجاد المعيار الموضوعي للحكم علي كفاءة الإدارة.
  4. زيادة فاعلية وكفاءة عمليات اتخاذ القرارات والتنسيق والرقابة واكتشاف وتصحيح الانحرافات لوجود معايير واضحة تتمثل في الأهداف الاستراتيجية.
  5. التركيز على السوق والبيئة الخارجية باعتبار أن استغلال الفرص ومقاومة التهديدات هو المعيار الأساسي لنجاح المنظمات.
  6. تجميع البيانات عن نقاط القوة والضعف والتهديدات بحيث يمكن للمدير اكتشاف المشاكل مبكرا وبالتالي يمكن الأخذ بزمام القيادة بدلأ من أن تكون القرارات هي رد فعل لقرارات واستراتيجيات المنافسين.
  7. وجود نظام للإدارة الاسراتيجية يتكون من إجراءات وخطوات معية يجعل العاملون يشعروا بأهمية المنهج العلمي ق التعامل مع المشكلات.
  8. تسهيل عملية الاتصال داخل المنظمة حيث يوجد المعيار الذي يوضع الرسائل الغامضة.
  9. وجود معيار واضح لتوزيع الموارد وتخصيصها بين البدائل المختلغة.
  10. تساعد علي اتخاذ القرارات وتوحيد اتجاهاتها.

أهمية الإدارة الاستراتيجية

يمكن أن يكون تنفيذ رؤية تنظيمية جديدة وتحقيق أهداف الشركة أمرًا صعبًا ويتطلب تخطيطًا مدروسًا. والإدارة الإستراتيجية هي عملية مفيدة لتمكين الشركات من إنشاء أهداف جديدة وتحقيقها، بما في ذلك أهداف نمو الأعمال وأهداف التوسع. وفيما يلي بعض فوائد الإدارة الإستراتيجية:

1. ميزة تنافسية

يمكن للإدارة الإستراتيجية أن تفيد الشركات من خلال توفير معلومات ثابتة عن السوق. وذلك بفضل التقييمات المنتظمة التي تنطوي عليها مراحل تطبيق اي خطة استراتيجية. ويتيح ذلك للشركات الاستعداد لتغيرات السوق وربما كسب عملاء جدد بفضل استعدادهم.

2. القدرة على تحقيق الأهداف

أحد الأسباب الرئيسية وراء قيام الشركات بتطبيق الإدارة الإستراتيجية في المقام الأول هو تحديد الأهداف قصيرة وطويلة المدى وتتبعها بشكل أفضل؛ والإدارة الإستراتيجية تجعل من السهل على المديرين إنشاء خطوات ومعالم يمكن للموظفين العمل علي تحقيقها.

3. نمو الشركة المستدام

الإدارة الإستراتيجية تؤدي إلى أداء وإنتاجية أكثر كفاءة للشركة، و تمكن الشركات أيضًا من تقديم تنبؤات أكثر اتساقًا حول ظروف العمل المستقبلية؛ وتساعد زيادة الإنتاجية والعمليات التنظيمية المحسّنة والتنبؤ الأفضل في تعزيز نمو الشركة المستدام.

4. منظمة متماسكة

تشير المنظمة المتماسكة إلى قدرة الشركة على العمل معًا بنجاح من أجل تحسين المنظمة. وهذا غالبًا يتجلى في شكل تواصل قوي بين الموظفين وإنشاء هدف مشترك يشجع الأفراد على العمل بأقصى إمكاناتهم.

5. تحسين الوعي القيادي

تتضمن الإدارة الإستراتيجية التخطيط لمستقبل المنظمة، ونظرًا لأن قادة الشركات والمديرين أصبحوا أكثر اعتيادًا على التفكير في مستقبل الشركة، فيمكنهم البقاء على اطلاع دائم باتجاهات الصناعة Industry trends والفرص الجديدة. ويجهز هذا الوعي المؤسسات لمواجهة التحديات والاستجابة بسهولة أكبر للتغيرات في السوق.

6. توقع التغييرات

تحدث التغييرات في القوى العاملة والموارد والظروف الاقتصادية والعوامل ذات الصلة في البيئات التنافسية. ويمكن للإدارة الإستراتيجية أن تساعد الموظفين والمديرين على التأقلم والتكيف مع هذه التغييرات.

7. إدارة المخاطر

لكي تنجح المنظمات، يجب أن يكون لديها نظام لقياس المخاطر. وتلبي الإدارة الإستراتيجية هذا الطلب من خلال قياس المخاطر ووضع خطط لمواجهة المواقف الطارئة. وتعد خطط الطوارئ هذه جزءًا لا غنى عنه لكي تزدهر اي شركة لأنها تساعدها على توفير الوقت والموارد والمال.

8. الاستجابة للبيئة الديناميكية

الإدارة الإستراتيجية ضرورية للمنظمة لتكون قادرة على المنافسة. إنها تخلق نظامًا مستمرًا يشجع القادة على تنفيذ أهداف جديدة وتنفيذ استراتيجيات جديدة؛ وهذا يساعد الشركات على تجنب التراخي. فالإدارة الاستراتيجية تجبرهم على اكتشاف نقاط الضعف ومعالجتها والبقاء على اطلاع دائم بالاتجاهات trends  والتقنيات الجديدة. والتغذية الراجعة المستمرة وإعادة الابتكار هو مفتاح صحة المنظمة وبقائها على المدى الطويل.

وظائف الإدارة الإستراتيجية

وظائف الإدارة الإستراتيجية مهمة للعديد من الشركات بغض النظر عن حجمها أو صناعتها؛ وتتضمن بعض الوظائف الرئيسية للإدارة الإستراتيجية ما يلي:

1. تطوير استراتيجية الشركة وتوضيح رؤيتها

يساعد تحديد رسالة ورؤية الشركة على توضيح سبب إنشائها؛ ويساعد تطوير الإستراتيجية على توضيح الإجراءات المحددة اللازمة لتخطيط النمو المستقبلي للشركة.

2. تحديد الأسواق والمنتجات

تحتاج الشركة إلى أن تسعي دائماً للإبتكار للحفاظ على حصتها في السوق وميزتها التنافسية. وتساعد الإدارة الإستراتيجية على تقييم الأسواق الجغرافية المجهولة وتقييم المنتجات أو الخدمات ومعرفة قابليتها للبقاء وتقديم ملاحظات حول ما إذا كان سيتم استغلال تلك الأسواق او المنتجات او الخدمات أم لا.

3. دعم العلامة التجارية للمنظمة

يرتبط الناس عادة بالمكانة والقيمة التي تتمتع بها علامة تجارية معينة؛ والإدارة الاستراتيجية تدعم وتحافظ على وتعزز وضع العلامة التجارية.

4. المواءمة بين الأقسام أو الشركات

تأخذ الإدارة الإستراتيجية في الاعتبار جميع أقسام الشركة لضمان عدم عزل أي منها. وكل منهم له دور يلعبه في تحقيق أهداف الشركة والغرض منها.

5. تصحيح المسار والتخطيط

يجب على الشركات الاستمرار في تغيير خططها لضمان مواءمة كل من الوعود والنواتج المستهدفة مع السوق. وتساعد الإدارة الإستراتيجية في تحديد العمليات التجارية المتأخرة وتصحيحها.

مهارات الإدارة الإستراتيجية

فيما يلي المهارات الأساسية التي تحتاجها للإدارة الإستراتيجية في منظمتك:

1. مهارات القيادة

تتضمن الإدارة الإستراتيجية اتخاذ القرارات الرئيسية؛ والإدارة الإستراتيجية تتطلب مهارات قيادية قوية لإدارة الآخرين والتأكد من أدائهم لواجباتهم. وسوف يحفز القادة المثاليون الناس، ويضمنون أن الجميع يعمل نحو تحقيق الهدف المشترك. ويخلقون بيئة عمل إيجابية عند تطبيق استراتيجيات جديدة. فالقادة الناجحون أيضًا ودودون واجتماعيون ومستعدون لتفويض المهام إلى زملائهم في الفريق.

2. مهارات الاتصال

لإدارة استراتيجية ناجحة، يجب عليك التواصل بشكل فعال مع الأعضاء الآخرين في المنظمة. ويجب أن تكون أيضًا قادرًا على إعطاء أو تلقي التغذية الراجعة عند الضرورة feedback. فأنت بحاجة إلى فهم كيفية التعاون مع أصحاب المصلحة.

3. مهارات تحليلية

تتطلب منك الإدارة الإستراتيجية تحليل أنواع مختلفة من المعلومات مثل البيانات المالية واتجاهات الأعمال business trends ومؤشرات الأداء وظروف السوق والمدخلات الأساسية الأخرى. ويجب أيضًا أن تكون قادرًا على العثور على أنماط وفهم سبب عدم نجاح الاستراتيجيات السابقة.

4. مهارات حل المشاكل

تتضمن الإدارة الإستراتيجية حل مشاكل إدارة الموارد للمؤسسة؛ وذلك يتطلب منك التغلب على التحديات والتعامل مع مهام سير العمل غير الفعالة والتنافس مع الآخرين.

الإدارة الإستراتيجية في الحياة الواقعية

تتمثل الإدارة الاستراتيجية في الحياة الواقعية في مجموعة من القرارات الاستراتيجية مثل إضافة منتج جديد أو استبعاد منتج قائم أو الدخول في نشاط جديد يختلف عن النشاط الحالي للمنظمة، أو اتخاذ قرار بالاندماج مع منظمة قائمة أو بدء مشروع جديد بالاشتراك مع منظمة أخرى أو اتخاذ قرار بالانفتاح على الأسواق العالمية، أو القيام بحملة إعلانية.

ويلاحظ أن القرارات التي تتضمن تغييرا داخل المنظمة لا تعتبر قرارات استراتيجية إلا إذا كانت تهدف إلى زيادة قيمة المنظمة وزيادة قدرتها التنافسية وزيادة حصتها في السوق. وبمعنى آخر فلا يوجد تصنيف للقرارات الاستراتيجية والقرارات غير الاستراتيجية فقرارات مثل إعادة التنظيم وإدخال الحاسب الآلي وتبسيط الإجراءات وتدعيم وسائل الاتصال بين فروع المنظمة وغير ذلك من القرارات الداخلية البحتة. لا تعتبر قرارات استراتيجية إذا لم تستهدف زيادة قدرة المنظمة على التعامل مع البيئة الخارجية ولكنها تعتبر قرارات استراتيجية حينما تستهدف جعل المنظمة في وضع أفضل للتعامل مع بيئتها الخارجية وجعلها أكثر قدرة على خدمة عملائها بطريقة أفضل مما يستطيعه المنافسين.

فالقرارات الاستراتيجية الداخلية هي التي تهدف التغلب على نقاط الضعف الداخلية وتنظيم استغلال نقاط القوة الداخلية بقصد زيادة قدرة المنظمة على استغلال الفرص الداخلية ومقاومة التأثيرات التي تفرضها البيئة الخارجية.

وعلى سبيل المثال فإن تدريب العاملين يعتبر قرارا استراتيجيا إذا كانت المنظمة تدرب العاملين حتى يمتلكوا المهارات والمعارف اللازمة لتحركاتها الاستراتيجية. مثل تصميم برنامج لتعلم اللغة الإنجليزية. لأن معظم أسواق المنظمة في الدول المتحدثة بها في حين ترى منظمة أخرى أن من الأفضل التركيز على اللغة اليابانية. لأن المشروعات المشتركة مع اليابان هي أحد استراتيجياتها الهامة. أما المنظمة التي تدرب العاملين لزيادة مهاراتهم بصفة عامة دون ربط التدريب بتحقيق أهداف استراتيجية محددة فإن قرارات التدريب في هذه المنظمة تعتبر قرارات غير استراتيجية.